السعودية تأمل بأن تساعدها الحملة على الفساد في الإنضمام إلى «قوة المهام للعمل المالي»
وكالة وهج : تأمل السعودية في أن تُحَسِّن حملتها على الفساد، التي شملت احتجاز شخصيات بارزة، في تحسين فرصها للإنضمام إلى قوة المهام للعمل المالي (فايننشال تاسك فورس)، وهي كيان دولي يكرس نفسه لمكافحة تدفقات الأموال غير الشرعية.
وتحاول المملكة، وهي أحد عضوين في مجموعة العشرين إلى جانب إندونيسيا لا يتمتعان بعضوية قوة المهام للعمل المالي، لسنوات أن تنفض عن نفسها اعتقادا شائعا عنها بأنها أرض خصبة للفساد وتمويل الإرهاب.
وباءت محاولتها السابقة للإنضمام إلى القوة التي تضم حكومات 37 دولة، بالفشل في 2010. ومن المتوقع ان تعارض بعض مجموعات الضغط المحاولة السعودية الجديدة، حتى قبل تصويت متوقع في منتصف العام المقبل. لكن الفوز بالعضوية يتيح إمكانية تقوية مكانة الرياض على الساحة الدولية، في الوقت الذي تريد فيه من المستثمرين الأجانب أن يدعموا خطة تحول للمملكة بمليارات الدولارات، وتحسين الروابط المالية العالمية لبنوكها.
وبتوجيهات من ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، شنت المملكة حملة احتجزت خلالها عشرات من كبار رجال الأعمال ومسؤولي الحكومة الشهر الماضي، متهمة إياهم بجرائم من بينها غسل الأموال، لكنها لا تشمل تمويل الإرهاب.
ويقول محللون سياسيون ان الملك المنتظر حاول أيضا تشديد قبضته على السلطة من خلال حملة التطهير.
وتقول مصادر مُطَّلِعة ان الحملة، التي تضمنت تجميد أكثر من 2000 حساب مصرفي والتنسيق مع بنوك مركزية في دول من بينها سويسرا والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة، اختبرت النظام السعودي لمكافحة غسل الأموال ووجدته فعالا إلى حد كبير.
وسيخضع النظام لمزيد من الاختبارات في الأسابيع المقبلة، حيث تستهدف المملكة التوصل إلى تسويات بنحو 100 مليار دولار مع بعض هؤلاء المحتجزين.
وقال جاسبال سينغ، الذي يقدم استشارات لمكافحة غسل الأموال في الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية «يعزز ذلك مركز السعودية كدولة إصلاحية، وأيضا جهودها للتحرك صوب مجتمع خال من الفساد».
وأضاف «الإنضمام إلى قوة المهام للعمل المالي سيخلق الإرادة السياسية اللازمة في أعلى المستويات تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان لايجاد إصلاحات تشريعية وتنظيمية في مكافحة غسل الأموال والحوكمة».
وتأتي جهود المملكة للإنضمام إلى قوة المهام في وقت حساس. ففي الأسابيع القليلة الماضية، استضافت الرياض زيارة قام بها مسؤولون، من بينهم خبراء وأعضاء في قوة المهام، لتقييم محاولتها. وزار المسؤولون مؤسسات في القطاعين العام والخاص. ومن المتوقع إتخاذ قرار نهائي بشأن المحاولة، والذي يعرف بالتقييم المشترك، عندما يصوت الأعضاء الحاليون في يونيوlحزيران 2018.
وقالت قوة المهام في بيان أرسلته إلى وكالات الأنباء «سيعتمد مدى السرعة التي ستستطيع السعودية بها نيل العضوية الكاملة على نتائج التقييم المشترك. إذا لم يأت التقييم المشترك مرضيا، فسيكون على السعودية أن تتفق على خطة عمل لمواجهة مواطن الضعف التي يحددها فريق التقييم».
وتواجه السعودية صعوبات في ظل مزاعم بأن بعض بنوكها ساعدت في تمويل إرهابيين. وفي أبريل/نيسان الماضي أقيمت دعاوى قضائية في نيويورك ضد أكبر بنكين في المملكة وهما «البنك الأهلي التجاري» و»مصرف الراجحي» الإسلامي، إلى جانب شركات تابعة لعائلة أسامة بن لادن وبضع مؤسسات خيرية، للمطالبة بتعويضات لا تقل عن 4.2 مليار دولار فيما يتعلق بالهجمات التي شنت على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 .
وأوردت وسائل إعلام في وقت سابق، نقلا عن مصادر، أنه في نهاية 2013 قطع بنك «جيه.بي مورغان تشيس» علاقات المراسلة المصرفية مع 500 مصرف أجنبي، من بينها «مصرف الراجحي» الذي قال في وقت سابق أنه «ليس له أي صلات بالإرهاب» وإنه ملتزم بالعمل عند أعلى مستويات التقيد بالقواعد المعمول بها.
وأمس الأول قال المصرف الذي يسير وفق الشريعة الإسلامية، ردا على سؤال، ان «جيه.بي مورغان» أعاد تأسيس علاقته معه في 2017.
ولم يرد «البنك الأهلي التجاري» على الفور على طلب للتعقيب.
وبينما يؤكد البنك المركزي السعودي على أن البنوك السعودية لم تشهد انخفاضا في علاقات المراسلة المصرفية، إلا أنه قال hنه يظل يقظا لأن أي انخفاض قد يضر استقرار النظام المالي والنمو الاقتصادي.
ولم يرد البنك المركزي على طلب للتعقيب على مسألة الإنضمام إلى «قوة المهام للعمل المالي».
وقال مصدر في القطاع المصرفي ان الفوائد من وجهة النظر المصرفية تتمثل في روابط مراسلة مصرفية أقوى.
وأخفقت المحاولة السابقة للمملكة للإنضمام عندما لم تظهر قدرة كافية لإختبار إطار عمل جديد نسبيا للمخاطر، بعد أن جعلت السعودية في 2003 غسل الأموال جريمة. وكشفت العملية أيضا ضعف عام للإدراك بشأن التدفقات المالية غير الشرعية، خصوصا بين المؤسسات المالية غير المصرفية. لكن منذ ذلك الحين، إتخذت الرياض خطوات لتحسين مستوى الالتزام.
فمن ناحية زادت المملكة بشكل مكثف أحكام الإدانة في تمويل الإرهاب. وفي الفترة من 2010 إلى 2015 جاءت في المقدمة، بأحكام إدانة بلغت 863 حكما، مقارنة مع نحو 100 حكم في الولايات المتحدة، التي جاءت في المرتبة التالية في القائمة، بحسب بيانات «قوة المهام للعمل المالي».
وفي الأسابيع الماضية، نشرت السعودية أيضا نسخا جديدة من قوانينها المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وقوانين مكافحة الإرهاب، معززة متطلبات الفحص الفني النافي للجهالة للمؤسسات المالية، ومشددة العقوبات الجنائية. وتم تعديل كل القوانين لتقترب السعودية بشكل أكبر من تلبية متطلبات قوة المهام حسب ما قاله مصدر مطلع.
لكن بعض المراقبين أبدوا قلقا من التغييرات. فقد قال كاي جوينين، وهو مدير مجموعة للضغط مقرها واشنطن تضم منظمات غير هادفة للربح «نحن لا نعتقد أنه ينبغي السماح للسعودية بالانضمام إلى قوة المهام للعمل المالي في ظل تشريعات مكافحة الإرهاب التي يطبقونها في شكلها الحالي. مهمتنا حماية المجتمع المدني، ونحن قلقون من أن تعريف الإرهاب فضفاض بما يجعل من المتعذر على المجتمع المدني العمل بطريقة حرة ومفتوحة. التشريع لا يلبي أيضا توصيات قوة المهام بأن يكون لدى أعضائها نهج يأخذ المخاطر في الاعتبار».
المصدر : رويترز
