إما المستوطنات أو دولة إسرائيل

 

«للعدل، للعدل أسعى»، قال الحاخام المتفرغ السياسي للمستوطنين الذي توجه علناً إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كي يحرر الفتيان. «هم ليسوا مخربين»، شرح حاييم دروكمان، «وأنا حريص على الإدارة السليمة والعادلة لدولة إسرائيل».
«الفتيان» مشبوهون بالضلوع في قتل عائشة الرابي من سكان بديا وأم لتسعة. «إذا كانت هناك مشكلة ما»، تطوع دروكمان لحلها، «يجدر التحقيق معهم مثلما يحقق مع كل شخص آخر في دولة إسرائيل، ولكن ليس في أي حال في أقبية الشاباك. يجب الأمر فوراً بوقف هذا الظلم».
إحدى المشكلات لدى أناس من نوع دروكمان هي أنهم ليسوا على وعي بالعالم الذي يعيشون فيه. وهو بالطبع ليس وحده. حاخام مدينة القدس آفي شتيرن، وحاخام مدينة صفد شموئيل الياهو، هما أيضاً من المتذمرين على مصير «الفتيان» أما القتيلة؟ فما لهم ولها.
من خلال خلطات سياسية وعملاء عديمي الضمير تشكل ائتلاف تغطية قفى على أفعالهم. فلم أسمع أياً من أعضاء الائتلاف الذين هم في معظمهم علمانيون شجباً لعملية القتل نفسها، ناهيك عن تهنئة المخابرات على القبض على المشبوهين. في عالمهم البديل تتحدث وزيرة العدل بعطف يمس شغاف القلب مع أم أحد المشبوهين وتقول لها إنها تحدثت مع النائب العام للدولة في هذا الشأن. وبالمناسبة، فإن أياً من رجال المخابرات أو الشرطة لم يرفع الهاتف ليعقوب الرابي، زوج عائشة، كي يضعه في آخر تطورات التحقيق.
ومثلما هو الحال دوماً، فإن هذه العصبة تطلق النار على ساقها بسبب كل فزع مصادف. الإرهاب الفلسطيني يرتدي في كل مرة شكلاً آخر. مرة السكاكين، مرة البالونات، مرة إطلاق النار، مرة الدهس، هذا إرهاب من يحشرون في الزاوية. وقد رفع صوت المستوطنين حتى مكاتب المشرعين في الكنيست، وفي 2015 تقرر أن يتحدد في القانون سقف عشر سنوات لراشقي الحجارة. فإذا كان الهدف هو المس بالإنسان، فإن العقوبة القصوى هي عشرين سنة في السجن، حتى لو لم يصب أحد بأذى حقاً. وماذا الآن؟ هل سيجلس الفتيان الذين خرب حاخاموهم عقولهم وأرواحهم طوال عشرين سنة؟ هذا لم يحصل بالطبع. سيثبت لنا جهاز القضاء مرة أخرى بأن دولة إسرائيل والمستوطنات تعمل بشكل مشترك، وفقاً للنمط الإجرامي، لتثبيت أسس دولة الأبرتهايد.
متى سنتعلم أخيراً بأن الوضع في هذه اللحظة يستوجب اتخاذ القرار: إما المستوطنات أو دولة إسرائيل؟ متى نفهم بأن رحاليم وعمونا و«مؤسسات تعليمية» مثل «ثمار البلاد» تتغذي من ذات جذر كل شر: سلب الأراضي وطرد الفلسطينيين في صالح مشروع الاستيطان.
لا فرق بين فتيان التلال وشيوخ التنظيم السري اليهودي. هذا لا يعني أن كلهم هناك راشقو حجارة وقتلة أمهات، هذا يعني أن لهم هدفاً واحداً ووسائل مختلفة. وبالأساس ليس واضحاً لماذا لم يعتقل جهاز المخابرات عصبة المستشارين التي نزلت إلى رحاليم يوم السبت الذي ذاعت فيه الإشاعات عن القتل. لقد قيل إن هذه العصبة شرحت لكل من كان متوقعاً أن يعتقل كيف يتصرف في أثناء التحقيق.

ران ادليست
معاريف 9/1/2019

قد يعجبك ايضا