سياسة إسرائيلية لأكثر من خمسين سنة: الفلسطينيون بموتهم يثبتون تهمتهم!
فخامة المحكمة، أنا العبد الفقير، أقف اليوم أمامكم من أجل أن أظهر على الملأ براءة وعدالة وبطولة المتهمين في هذه المحكمة. هم ـ هكذا كتب في لائحة الاتهام ـ متهمون بأنهم قبل أيام كثيرة، في 4/12/2018، استخدموا بصورة غير مشروعة السلاح الذي كان في حوزتهم من أجل الدفاع عن الشعب اليهودي على مر أجياله. هم، كما يبدو، مسوا بمؤخرة رقبة شخص ما، وهو محمد حسام حبارى من طولكرم. وبهذا تسببوا، كما يبدو، بلفظ أنفاسه على الفور كما يبدو. في المكان أو قريباً منه، كان ابن 22 سنة في اليوم الذي أصبح فيه جثة، كما يبدو.
والآن، من فضلكم، لننتقل إلى تبريرات الدفاع.
1 ـ لقد مرت أيام كثيرة منذ يوم الحادثة وحتى يوم تقديم لائحة الاتهام هذه المفاجئة والمرفوضة والتي تثير الغضب. وبقلب حزين عليّ القول لحضراتكم إننا ندعي أنه ليس من قبيل حسن النية، قدمت لائحة الاتهام هذه. سنثبت أنه لولا الخضوع لضغط اليسار، ووسائل الإعلام، وجورج سوروس، والصندوق الجديد، و«نحطم الصمت»، والـ بي.دي.اس، لما كانت لائحة الاتهام هذه قد قدمت من البداية. 2 ـ النيابة تزعم بأن المتوفى كان متخلفاً عقلياً، معاقاً، يستند إلى عصا مكنسة، وابتعد وهو يعرج بصورة بطيئة عن قواتنا. نحن نقول إنه لا أساس لهذه الأقوال.
أولاً، إذا كان المتوفى معاقاً فلماذا لم يتوجه إلى جمعية «يد سارة» للحصول على عكازات مثل أي شخص يهودي؟ لماذا فضل عصا المكنسة؟
ثانياً، إذا كان المتوفى متخلفاً عقلياً فكيف تمكن من الابتعاد عن قوات الجيش، كشخص يعرف أن لديه أسباباً وجيهة للابتعاد عنهم وعدم الاقتراب منهم، كشخص يعرف أنه بريء ولذلك ليس لديه سبب للخوف منهم؟
العقل السليم يجبرنا على القول بأن «إعاقة المتوفى، مثل العرج، لم تكن سوى حيلة ذكية هدفها أن تبعد عنه كل اشتباه وتسهل عليه الخروج من بيته وهو مسلح بعصا طويلة وقاسية، وفي طرفها مسمار حاد بهدف تنفيذ عملية ضد اليهود. هل من الغريب أن موكلي عند رؤيتهم وهو يبتعد عنهم شعروا بالتهديد وتصرفوا وفق ذلك؟
3 ـ سنقدم لكم أيضاً ممثلين عن الجهات الأمنية، الذين سيشهدون بأن هذا كان السنونو الأول لـ «إرهاب مكانس» جديد ومهدد، إرهاب تم اجتثاثه في المهد فقط بفضل العمل السريع لموكلي.
4 ـ ادعاء «ابتعاد» المتوفى عن الجنود يجب تحليله بوسائل قضائية. أنا أوجه نظر المحكمة إلى خارطة طبوغرافية (المرفق م ـ 82190) التي تعرض بشكل دقيق سمت حركة المخرب قبل أن يحيد بواسطة موكلي. جنوب ـ غرب، 217 درجة بالضبط من مكان التقاء المتوفى مع أجداده. حضراتكم يمكن أن تروا ذلك بوضوح، أن المخرب لو واصل السير وهو يعرج بهذا الاتجاه مدة أسبوعين فقط لكان سيصل مباشرة إلى قلب مركز «شوستر» في حي رمات افيف ج. ولو أنه وصل إلى هناك فلا شك في حدوث عملية كبيرة دموية هناك في مركز يكتظ بالسكان. أيضاً كارثة فظيعة تم منعها فقط بفضل تصميم موكلي.
5 ـ إضافة إلى ذلك، في ابتعاده، قالت النيابة (وتقارير وسائل الإعلام)، «أدار المتوفى ظهره للجنود». أدار ظهره! هل هناك بادرة أوضح من هذه للتمرد، والعداوة، وعدم التعاون، والاحتقار والكراهية من «إدارة الظهر» للأجهزة الأمنية؟ هل من الغريب أن موكلي تشككوا من نواياه وسارعوا إلى القيام بدورهم؟ هل لهذا تتم معاقبتهم.
6 ـ هذه البينة، سادتي، هي البينة القاطعة لكون المتوفى مخرباً: إنه ميت. المتوفى ميت. ومنذ اللحظة التي مات فيها لا يوجد شك بأنه كان مخرباً. هل يخطر بالبال أن قواتنا ستقتل عبثاً شخصاً ما ليس مخرباً؟ لا وألف لا! ثمة قاعدة كبيرة اتبعناها منذ أكثر من خمسين سنة: الفلسطينيون ـ بموتهم ـ يثبتون تهمتهم. من اللحظة التي لفظوا فيها أنفاسهم فإنهم أصبحوا «مخربين» في نظر الجميع. كل مذيع ومحلل يعرف هذا منذ زمن.
انتهت ادعاءاتي. أنا على ثقة من أنه يكفي كل ما قيل أعلاه من أجل أن تأمر فخامة المحكمة بإطلاق سراح موكلي على الفور. وربما حتى ستوصي بمنحهم الأوسمة، ودعوتهم لإشعال شعلة في عيد الاستقلال وضمهم إلى يوم استجمام مع القناصة أمام الجدار، أو السماح لهم بهدم كوخ للبدو حسب طلبهم.
أريد أن اختتم أقوالي بلهجة شخصية: ليس من أجل الطمع بالمال أنا أقف هنا أمامكم، بل فقط من أجل مجد العدالة والدولة والجيش الإسرائيلي وكل الشعب اليهودي. وكإشارة لكل ذلك، أنا أتشرف بأن أقدم بهذا لائحة الدفاع أعلاه لكل الجنود الذين، لا سمح الله، سيجدون أنفسهم متروكين لتعسف القضاء والعدل. مقابل تغطية نفقات رمزية بمبلغ 100 ألف شيكل زائد ضريبة القيمة المضافة. يمكنهم أيضاً تقديم كل هذه الادعاءات أعلاه (مع التغييرات المطلوبة) وإظهار براءتهم على الملأ.
قصدي مثلاً، أولئك الأبطال الذين سيقدمون للمحاكمة، لا سمح الله، على دورهم في موت محمد حسام حباري في 4 كانون الأول، وعمر عواد في 11 كانون الأول، وحمدان توفيق عارضة في 13 كانون الأول، ومحمود يوسف نخلة في 14 كانون الأول، وقاسم عباسي في 20 كانون الأول. جميعهم ماتوا بشكل طبيعي تماماً بواسطة رصاصات بندقية في الرأس وفي الظهر وفي البطن أو من نزف الدم حتى وصول سيارة الإسعاف. جميعهم لاقوا حتفهم المستغرب في شهر واحد من الاحتلال. جميعهم قتلوا بدون إثبات أي شيء ضدهم، أو أن يوجه إليهم أي اتهام.
أجل، شهر خصب كان شهر كانون الأول 2018.
ب. ميخائيل
هآرتس ـ 10/1/2019