فادي السمردلي يكتب: صندوق النقد الدولي يحذر استدامة الضمان الاجتماعي الأردني على المحك
بقلم فادي زواد السمردلي …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
حذر صندوق النقد الدولي من أن رواتب التقاعد في نظام الضمان الاجتماعي الأردني قد تتجاوز إيرادات الاشتراكات إذا لم تُنفذ إصلاحات هيكلية عاجلة، مما يسلط الضوء على تحديات مالية وديموغرافية عميقة تواجه النظام فالتحذير يعكس هشاشة التوازن بين الإيرادات والنفقات في ظل زيادة أعداد المتقاعدين وارتفاع متوسط العمر المتوقع، بينما ينمو عدد المشتركين الفاعلين بوتيرة أبطأ وهذا السيناريو يهدد قدرة النظام على الاستمرار بشكل مستدام دون تدخل إصلاحي عاجل، ويجعل من الضروري التحرك قبل فوات الأوان لضمان حماية حقوق المتقاعدين الحاليين والمستقبليين على حد سواء.
يلعب العائد الاستثماري لأموال الضمان الاجتماعي دورًا مهمًا في تخفيف الضغوط المالية على النظام، إذ يمكن لإدارة المحافظ الاستثمارية بكفاءة وتنويع الاستثمارات محليًا وخارجيًا أن يوفر موارد إضافية تساعد في تغطية جزء من النفقات المتزايدة ومع ذلك، يشير صندوق النقد الدولي إلى أن الاعتماد على هذه العوائد وحدها لا يكفي، بل يتطلب الأمر تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة تشمل ضبط بعض المنافع وربطها بالقدرة التمويلية للنظام، لضمان توازن طويل الأمد بين الإيرادات والنفقات.
يشكل الاقتصاد غير الرسمي والتهرب التأميني أحد أكبر التحديات أمام استدامة النظام، إذ يعمل جزء كبير من القوى العاملة خارج مظلة الاشتراكات أو ضمن أنماط عمل غير منتظمة وهذا النقص في الالتزام بالاشتراكات يقلص الإيرادات ويزيد فجوة التمويل، ما يفرض على الحكومة تبني سياسات شاملة لتحسين الامتثال، وتقديم حوافز للالتزام، وإعادة تصميم آلية الاشتراكات بما يتوافق مع قدرات المنشآت الصغيرة والمتوسطة دون زيادة العبىء عليها.
من ناحية اجتماعية، يبرز بعد العدالة بين الأجيال، إذ يشير الوضع الحالي إلى أن استمرار بعض الامتيازات دون تعديل قد يحمّل الأجيال القادمة أعباء مالية أكبر وهذا يضعف المصداقية الاجتماعية للنظام ويزيد من احتمال عدم استدامته على المدى الطويل لذلك، يجب أن تراعي الإصلاحات التقاعدية هذا البعد الأخلاقي لتضمن توزيع الأعباء بشكل متوازن، بحيث يتم حماية حقوق المتقاعدين الحاليين دون تحميل الجيل القادم أعباء غير متناسبة.
تضيف التحولات التكنولوجية وسوق العمل المستقبلي بعدًا جديدًا للتحديات. فالاعتماد المتزايد على العمل المرن، ومنصات العمل الرقمية، والذكاء الاصطناعي قد يقلل من الالتزام بالاشتراكات التقليدية، ويغير طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل، مما يستدعي إعادة النظر في نموذج التمويل الحالي لضمان استمرار تدفق الإيرادات فهذه التحولات تجعل من الضروري التفكير في آليات جديدة لتوسيع قاعدة المشتركين ومواكبة أساليب العمل الحديثة.
ولا يمكن إغفال البعد السياسي والاجتماعي للإصلاحات، إذ غالبًا ما تواجه أي تعديلات على نظام الضمان مقاومة شعبية أو سياسية، خاصة إذا ارتبطت بخفض بعض المنافع أو تعديل حقوق المتقاعدين لذلك، يجب أن تكون الإصلاحات تدريجية وشفافة، مع توضيح أهدافها والفوائد المتوقعة لكل فئة من المستفيدين، لضمان قبولها ونجاحها.
أخيرًا، يشير صندوق النقد الدولي إلى أن النظر في سيناريوهات بديلة يمكن أن يقلل من المخاطر ويعزز استدامة النظام. يشمل ذلك زيادة الإنتاجية الاقتصادية، وتحسين النمو، وتوسيع قاعدة المشتركين، إضافة إلى تعزيز الكفاءة الإدارية والاستثمارية لأموال الضمان وتبني هذه الإصلاحات الاستراتيجية لا يعد خيارًا بل ضرورة حقيقية، لضمان استمرارية النظام وحماية حقوق المتقاعدين الحاليين والمستقبليين، وللحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي في الأردن على المدى الطويل.
الكاتب من الأردن