الثورة المضادة تتمسك بالسلطة في السودان.. والبيت الأبيض يحسب “المهنيين” على الإخوان

 

وهج 24 : نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا أعده جاستين لينتش تحت عنوان “الثورة المضادة في السودان تبدأ” وقال فيه إن نظام عمر حسن البشير الذي اطيح به الشهر الماضي يقاتل للحفاظ على السلطة ويرفض الإستماع لمطالب المعتصمين أمام مقرات القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم. ونقل عن مفاوض من جماعة الحرية والتغيير الذي يطالب المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين قوله إن “المجلس العسكري لا يريد التخلي عن السلطة”. وقال لينتش إن المعتصمين ظلوا يطالبون بنقل السلطة للمدنيين فيما يماطل المجلس الذي رفض حتى تشكيل مجلس من العسكريين والمدنيين لنقل السلطة وإدارة البلاد. ويرى كاميرون هدسون من المجلس الأطلنطي أن قادة الجيش اعتادوا منذ زمن البشير على مناقشة التفاصيل المملة ويتركون الآخرين إدارة العجلات وإضعاف المعارضة نفسها بنفسها. ويبدو أن استراتيجية الزمرة العسكرية لم تنجح حتى الآن من فت عزيمة المطالبين بالتغيير، فرغم التهديدات ومحاولة قطع التيار الكهربائي عن المعتصمين إلا أن الأعداد لم تتزايد والهتافات مستمرة. والوضع الحالي هو حالة من الإنسداد التي لا يريد أي طرف التخلي عن مطالبه أو مكاسبه. فالثورة المضادة تحاول تركيز رماحها، وما بدا بمطالب بتحسين الوضع الإقتصادي وانتهى بتحرك الجيش لازاحة البشيرعن السلطة واجه عقبة كأدء وهي عودة النظام الذي حكم من خلاله البشير طوال 30 عاما. ورغم الوعود التي قدمها الجيش بتسليم السلطة للمدنيين إلا أن الزمرة الحاكمة أو المجلس العسكري يتراجع عن وعوده التي قدمها في البداية. ويعلق الكاتب على سياسة المماطلة التي يعمل من خلالها المجلس بالقول إنها لا تعمل وهناك أدلة عن انقسام داخل المؤسسة العسكرية ويخشى المسؤولون الغربيون من ان يتحول الأمر إلى عنف. وأشار الكاتب إلى محاولة النائب العام اعتقال مدير المخابرات السودانية السابق صلاح غوش حيث تدخل حرسه ومنعوا اعتقاله. ويبدو أن المخابرات تسير على وقع أنغامها الخاصة. وكان غوش قد نفى في مقابلة مع “فورين بوليسي” أنه تحت الإقامة الجبرية. وكان غوش على علاقة مع المخابرا المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وكان جزءا من عملية انقلابية عام 2012 للإطاحة بالبشير. ويرى الكاتب أن هناك أدلة أخرى عن انقسام واسع داخل المؤسسة العسكرية، ففي الأسبوع الماضي قام رجال تابعون لقوات الدعم السريع بملاحقة المعتصمين وجلدهم، في إشارة عن محاولة البعض في الزمرة الحاكمة تقويض المفاوضات مع ممثلي المعتصمين. وسقط في المحاولات عدد من الجرحى والقتلى حيث علق دين الفاتح أحد المعتصمين “لسنا خائفين ونريد حريتنا بالطرق السلمية ولا أحد يساعدنا”. وقال الأطباء الذين عالجوا الجرحى انهم أمسكوا ضابط أمن بزي قوات الدعم السريع. وأطلق الجنود النار على المعتصمين وقتلوا ستة وجرحوا 77 شخصا. وقالت بعض الدول الغربية ان العنف هو محاولة لاستفزاز المتظاهرين. وحذرت الحكومة السودانية السفراء الأجانب من عدم زيارة مقر الإعتصام، وهو ما قاد البعض للإعتقاد ان القتال كان مخططا له. وبالمقابل يعاني معسكر المعتصمين من انقسام، ففي لقاء تم يوم الثلاثاء بين أعضاء بيان الحرية والتغيير حيث عبر بعض المتظاهرين عن إحباطهم من عرض المجلس العسكري تقسيم السلطة. فيما عبر آخرون عن ارتياحهم لرفض المجلس العسكري العرض لأن المعتصمين لن يقبلوا بترتيب كهذا. وفي الوقت الذي تعثرت فيه المحادثات بين ممثلي الإعتصام والزمرة الحاكمة، يواصل المعتصمون التدفق قائلين إنهم لن يكونوا ربيعا عربيا خاسرا. وهناك دول عربية بدأت باستغلال الوضع ومحاولة تشكيل نتائج الوضع الجديد كل حسب مصالحه. وفي هذا السياق برزت ثلاث دول. ويرى مسؤولون غربيون أن الإمارات العربية المتحدة والسعودية دعمتا المجلس العسكري لحماية مصالحهما الإقتصادية العسكرية. ويقدم السودان الجنود للمشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. ودعم البلدان المجلس بـ 500 مليون دولار لكي تودع في المصرف المركزي لكن هناك تكهنات من استخدام المبلغ لشراء الولاء داخل المؤسسة العسكرية لا دعم العملة السودانية والإقتصاد. ويقول نونيهال سينغ، مؤلف كتاب “السيطرة على القوة: منطق الإنقلابات العسكرية الإستراتيجي” “المال الخارجي مثير للإهتمام” و “ربما استخدم المال لشراء أعضاء في التحالف العسكري مما يعني أنهم ضعاف من الداخل”. أما مصر فقد دعمت الزمرة العسكرية لمنع انتشار الديمقراطية ولمواجهة الإسلام السياسي. والعلاقات العسكرية بين البلدين قوية. وأنهى عدد من كبار قادة الجيش دراساتهم العسكرية في مصر. وقال هدسون، من المجلس الأطلنطي، “تحاول مصر الدفع بقوة مع المجلس العسكري وتدفعه للحفاظ على الحكم”. وفي مركز المؤسسة العسكرية محمد حمدان “حميدتي” داقلو الذي يقود قوات الدفع السريع. وهو من الناحية الإسمية الشخص الثاني في المجلس العسكري، ولكنه أخبر الدبلوماسيين الغربيين أنه فكرة الإطاحة بالبشير جاءت منه. ولعب حميدتي دورا مهما في المفاوضات مع المدنيين. ولا يعرف حجم القوات التي يقودها، فبعض الدول تقول إنه يقود 20.000 عنصرا منهم عدة ألاف في العاصمة الخرطوم. ويقول آخرون إن لديه 20.000 في العاصمة وحدها بالإضافة لألاف أخرى في دارفور وفي اليمن يقاتلون نيابة عن السعودية والإمارات. ومهما كان حجم قواته إلا انها مسلحة بشكل جيد مع مقذوفات صارخية محملة على الشاحنات التابعة له. كما ويتلقى حميدتي الدعم من موسكو، حيث تحدث أفراد من قوات الدعم السريع لمراسل المجلة بلغة روسية ركيكة. وحصل الجيش السوداني على دعم وإمدادات من الشركات التي تدعمها موسكو. وقال مواطن في قرية أبو دافوق، بدار فور إنه شاهد العلم الروسي يرفرف على قافلة عسكرية.

ويرى الكاتب ان الجيش ليس القوة الوحيدة الذي يحاول التأثير على مرحلة ما بعد البشير، فهناك تيار إسلامي يحاول تشكيل رؤية السودان.

ويشير هنا إلى مسيرتين نظمهما المؤيدون لمحمد الجزولي وعبدالله يوسف. وهما إشارتان مقلقتان عن التيار الديني المتشدد وهو أقلية في السودان. وهتف مئات الرجال والنساء في واحدة من المسيرتين شعارات “شريعة، شريعة أو الموت”.

وبحسب عوض الله حسن، السكرتير العام لحركة الإخوان المسلمين السودانية فيجب على الدستور أن يشمل على نظام الشريعة وهو ما يطالب به الجيش أيضا. وقال إن الجماعة لن تشارك في الإنتخابات كحزب مستقل بل وستدعم الأحزاب الإسلامية الموجودة. وقال إن الجماعة لا تتلقى الدعم من الخارج ورفض تقديم أرقام عن عناصر الجماعة. وفي رد على الثورة المضادة رد المتظاهرون بالتصعيد حيث قالت المتحدثة باسم “تجمع المهنيين السودانيين” سارة عبد الجليل :”التصعيد في حركة اللاعنف من أجل تغيير ديمقراطي شامل”. وعمل التجمع خلال الأسابيع الماضية على تجنيد العمال في مجال النقل والكهرباء للإعلان عن الإضراب العام حالة فشلت المحادث مع المجلس العسكري وهو ما حدث يوم الثلاثاء. ويهدف الإضراب العام لشل الحياة في البلاد ضد أي إجراءات تقشف ورفص المجلس العسكري الإنتقالي القبول بحكومة مدنية. ويرى البعض ان الإضراب العام لن يكون فعالا في شهر رمضان، حيث هناك قلة تعمل في النهار . والإنقسام واضح في مواقف الدول الغربية التي يرى بعضها أنها لن تعترف بالمجلس إن تمسك بالسلطة فيما عبرت أخرى عن تردد. ولم يتم اتخاذ قرارات في اجتماع تنسيقي عقد الأسبوع الماضي في واشنطن بين الدول الغربية والشركاء الإقليميين. وحضرته الأمم المتحدة وفرنسا وبريطانيا والنرويج وألمانيا والإتحاد الأفريقي وأثيوبيا. وتوصف السياسة الأمريكية من السودان بأنها غير موجودة أو تتحسس طريقها. ويرى البعض في البيت الأبيض أن تجمع المهنيين السودانيين مرتبط بالإخوان المسلمين رغم عدم وجود أدلة على هذا. وتوترت العلاقة مع المدنيين السودانين الذين وصفوا الصعوبات التي واجهوها من أكبر دبلوماسي امريكي في البلد. وكان ستيفن كوتسيس رافضا ومطالبا خلال الإجتماعات، ووصفه أحدهم بأنه “مغرور”. وقال مسؤول في المعارضة السودانية إنهم لن يحضروا اجتماعات في السفارة “فهي مضيعة للوقت”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا