رحل أمين ومعلم الدبلوماسية السورية والعربية والإسلامية
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…
قال تعالى (يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية، فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي) صدق الله العظيم…
رحل أمين الدبلوماسية السورية ومعلمها وليد المعلم رجل المهمات السياسية الصعبة، حيث أنه رحمه الله وأدخله فسيح جناته تدرج لمدة 56 عام في الحكومة السورية بعدة مناصب دبلوماسية كسفير في عدة دول عربية وغربية في عهد الراحل حافظ الأسد رحمه الله، إلى عهد الرئيس الرمز بشار الأسد وتسلم مقاليد السياسة الخارجية السورية منذ عام 2006 ونائبا لرئيس الوزراء وإستمر بهذه المناصب السيادية لفترة 15 عام مثل وطنه سورية وأمته العربية والإسلامية على أكمل وجه في ظل المؤامرات الكونية والضغوطات الصهيوأمريكية المستعربة والمتأسلمة على وطنه الحبيب وقلب العروبة الحقيقية والإسلام الإلهي المحمدي النابض سورية وأبلى بلاء حسنا في الدفاع والمقاومة ضد كل من يخالف المبادئ والقيم والأخلاق الحقيقية للسياسة السورية ولن ولم يلومه بالحق لومة لائم، فأعطى وعلم القريب والبعيد الصديق والعدو دروسا علمية قيمة بالدبلوماسية وإكتسب بذلك إحترام الجميع وبالذات لأنه رفض التآمر على وطنه ودينه وأمته وإنسانيته مع المتآمرين ولم يخضع لا لترغيب ولا لترهيب من عصابات الداخل وأسيادهم ومموليهم في الخارج، وبقي على مواقفه المشرفة المنبثقة والنابعة من منهج سليم وصحيح من مدرسة المقاومة والثقة والشموخ والعز والفخار والمجد والنصر…
حقيقة أنه قامة مخضرمة نادرة الوجود في الدبلوماسية العربية والإسلامية لأنه رحمه الله برحمتة الواسعة كان محاورا بارعا وسريع البديهة وكان صاحب نكته معروفة لدى الجميع كانت تضيف البهجة في أروقة السياسة المتشنجة في كل الإجتماعات السياسية والإعلامية المحلية والإقليمية والأممية، وكان قويا صلبا لا يتنازل عن الثوابت الوطنية السورية العربية الإسلامية والمسيحية والثوابت الإنسانية ولا ننسى كلماته لوزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد أوباما كيري في إجتماع سويسرا حينما قال لكيري لا أحد في الدنيا يستطيع أن يحدد خيارات الشعب السوري ولا أن يغير قيادته سيد كيري…
فكان رحمه الله تعالى رغم مرضه محافظا على مقاومته وصموده ومبادئه وقيمه وخياراته الوطنية المنبثقة من حبه لتراب وطنه ولأمته ولقضاياها العادلة والمحقة ولعب دورا مهما في خدمة تلك القضايا العادلة منذ دخوله الدبلوماسية السورية إلى آخر لقاء تلفزيوني له في الإجتماع الدولي الذي عقد في دمشق قبل عدة إيام لعودة المهجرين السوريين رغم مرضه لكن أصر إلا أن يكن موجودا في ذلك الإجتماع حتى يكمل رسالته الدبلوماسية السامية والنبيلة إتجاه أبناء شعبه المهجرين للم الشمل من جديد وعودتهم إلى وطنهم بعد أن أغلق الغرب الصهيوني وحلفائهم في منطقتنا الأبواب أمام المهجريين لمنع عودتهم إلى وطنهم سورية للإستثمار السياسي بهم في مؤامرات متجددة قد يتم التخطيط لها…
ولا ننسى مواقفه المشرفة رحمه الله بالدفاع عن فلسطين وشعبها ومقاومتها ودولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وأيضا دفاعه عن الجولان ومزارع شبعا المحتلة من قبل عصابات الصهاينة والصهيوأمريكية المجرمة والقاتلة للإنسانية جمعاء ومطالبته أمام العالم بتحريرهما من تلك العصابات لأنها أراضي عربية فلسطينية وسورية ولبنانية محتلة ويجب أن تعود إن لم يكن اليوم فغدا وغدا لناظره قريب، إن لم يكن في أيامنا الحالية فالأجيال القادمة كفيلة بتحريرها بإذن الله تعالى…
لقد سجل لوزارة الخارجية السورية ولمحورنا المقاوم نقاط كثيرة عند القريب والبعيد والصديق والحليف وحتى عند الأعداء المتآمرين، وصنع ديناميكية متجددة للخارجية السورية وتمكن من نشرها عربيا واسلاميا وحتى عالميا فكانت تصمت الألسنة وتصفر الوجوه وتوضع الأيدي على الخدين وتتفاجئ العقول من براعة ذلك الرجل الأسطورة في حنكته ودبلوماسيته وقوته وجرأته في قول الحق وكشف الحقائق أمام العالم أجمع دون خوف أو جلل من دول صغرى أو كبرى…
وكان رحمه الله تعالى من الشخصيات السورية التي تحافظ على التواصل المستمر مع الحلفاء والأصدقاء، الحلفاء الروس والإيرانيون وحتى حركات المقاومة وأحزابها وأيضا المستقلين وكل من دافع عن الحق السوري وما زال يدافع عن سورية وأرضها ووحدتها وشعبها وجيشها وقيادتها المقاومة الشامخة الرئيس بشار الأسد، ولا أنسى هنا لقائنا بالراحل العظيم في زيارتنا الأخيرة على سورية بداية الأزمة حينما قال لنا كوفد أردني فلسطيني من الكتاب والإعلاميين بأن المؤامرة الكونية قد لا تنتهي لعدة سنوات ولكن النصر قادم لا محالة لأننا على حق وهم على باطل وسيزهق الله الباطل وينصر الحق في النهاية…
نعم إنه فقيد أمة بأكملها وليس فقيد سورية الحبيبة فقط لأنه كان يمثل كل حر وشريف ويتحدث بإسم شرفاء الشعب السوري الصامدين وشرفاء الأمة والإنسانية جمعاء، وفقدانه كرمز سياسي عالمي يشعرنا بالألم جميعا كسوريين وأمة حتى الحلفاء من الإيرانيون والروس والصينيون ودول أمريكا الجنوبية وبالذات فنزويلا وكوبا وبوليفيا…وغيرها لكن لا نعترض على أمر الله سبحانه وتعالى ولا نقول إلا كما أمرنا الله جل في علاه في قوله تعالى ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العظيم…
الرحمة على روحه المقاومة الطاهرة وتعازينا الحارة لأهله وذويه وللشعب السوري وللحكومة السورية ولكل طاقم وزارة الخارجية المخضرميين وللجيش السوري والقيادة السورية المقاومة والصابرة والصامدة بشموخ العزة والنصر، ولكل شرفاء وأحرار الأمة والإنسانية،
قال تعالى ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومن من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم…
الكاتب والباحث…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي…