موريتانيا: جدل حول أداء الرئيس الغزواني ورئيس الحزب الحاكم يدافع عنه

وهج نيوز : مع اقتراب انصرام سنتين من مأمورية الرئيس محمد ولد الغزواني مستهل أغسطس المقبل، يتواصل في موريتانيا على مستوى صالونات السياسة وداخل شبكة التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها، جدل متقد حول أداء ومنجزات الرئيس بين من يدافعون عنه ويدعون لإنصافه لتعقد الأوضاع التي ورثها، ومن يرون أنه فرط في الإجماع الذي انعقد حوله، وأضاع الزمن دون تحقيق ما كان الناخبون يأملونه”.

وضمن مواجهة الحملة المشتعلة ضد أداء النظام، دشن الرئيس الغزواني الأحد مجموعة مشاريع في ولاية الترارزه جنوب البلاد، كما استمع للوجهاء والإطارات والمنتخبين.

ودافع رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد الطالب أعمر عن نظام الرئيس الغزواني مركزا على إنجازاته في مجال محاربة الفساد.

وقال في كلمة أمام آلاف المحتشدين لاستقبال الرئيس الغزواني بمدينة روصو عاصمة الترارزه “إن الوطن لا يمكن ضمان ازدهاره إلا بالمحافظة على ثروات البلد”، مؤكدا أن “استرداد الأموال المنهوبة يمثل لجما للمفسدين، كما أنه يتضمن دروسا لكل من قد تسول له نفسه التجاسر على أملاك الشعب، من الآن فصاعدا”.

وأضاف “التوجه الجديد للدولة المتعلق بمحاربة الفساد هو الضامن لمستقبل البلاد”.

وتحدث رئيس الحزب الحاكم بإسهاب عن المنجزات التي يرى أنها تحققت خلال السنتين الماضيتين، معلنا “عن تحضيرات متواصلة لإطلاق تشاور وطني بين الشركاء السياسيين، خلال الأسابيع القادمة من أجل وضع أسس لتعزيز الديمقراطية في البلد”، على حد تعبيره.

وتأتي هذه الزيارة وهذه التحركات، بعد نشر مقاطع صوتية للدكتور أحمد هارون مستشار وزير العدل، تنتقد بشكل لاذع أداء الرئيس الغزواني وتصفه بأنه “فرط في التأييد الذي حصل عليه بعد انتخابه”.

وأكد الدكتور هارون الذي أقاله مجلس الوزراء مباشرة بعد نشر انتقاداته التي تابعها الجميع على نطاق واسع أن “موريتانيا مقبلة على كارثة كبرى إذا لم تتدارك”، محذرا من أن “الوضع وصل لدرجة ميؤوس منها”.

كما جاءت هذه التحركات بعد أن نظم ثلاثة من أبرز نواب البرلمان مؤتمرا صحافيا مشتركا تحت عنوان “لا لخنق الحريات الديمقراطية”، أكدت أثناءه النائب كادياتا مالك جالو أن “أملهم في التغيير قد خاب بعد قرابة سنتين من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي تردد مع استلامه للحكم الحديث عن انتهاجه تعاطيا جديدا مع السياسيين، والانفتاح عليهم”.

نواب يؤكدون أنه خيب الآمال وإقالة مستشار وجه له انتقادات

وأوضحت كادياتا مالك جالو أن “الوضع في البلاد يدعو للقلق”، داعية “لضرورة سلوك طريق يضمن إنقاذ البلاد وإخراجها من الفقر وضمان أمنها وتعزيز وحدتها الوطنية عبر القطيعة مع سياسات الإقصاء”.

وأضافت جالو أن “نفس النظام الذي كان يحكم قبل الرئيس الغزواني لا يزال قائما فما وقع هو تغيير رأس السلطة فقط”.

وقالت “إن الأمل راود البعض بالتغيير من خلال الأسلوب المعتمد من السلطة الجديدة بعد أن بدت أقل عنهجية وأكثر انفتاحا، لكن السلطة ظلت بمباركة البعض وعدم اكتراث من الآخرين تقيد الحريات وتمنع المواطنين من التعبير عن حقهم”، حسب تعبيرها.

واعتبرت كاديتا أن “البلد يشهد ترديا في الأوضاع المعيشية للمواطنين وتراجعا في الحريات العامة، وتضييقا على أصحاب الرأي وعلى الصحافة والمدونين”، مؤكدة أن المثال على ذلك هو منع وزارة الداخلية الترخيص لأحزاب سياسية وبرلمانيين تقدموا بطلبات لتنظيم تجمعات شعبية”.

ودعت كاديتا “الشعب الموريتاني لعدم السكوت على هذه الوضعية غير القابلة للاستمرار”، حسب تعبيرها.

وقال النائب محمد الأمين ولد سيدي مولود خلال المؤتمر الصحافي “إن النظام القائم دأب على انتهاك الدستور والقوانين بتعطيله لمحكمة العدل السامية والامتناع عن نشر تقرير محكمة الحسابات وبانتهاك القوانين المنظمة للتعيينات في القطاعات الحكومية وبخاصة في وزارتي الداخلية والمالية”.

واعتبرَ ولد سيدي مولود أن “المستوى الذي وصلت إليه البلاد من التضييق في الحريات مستوى غير مقبول”، على حد وصفه.

وضمن الجدل بين كبار الساسة والمدونين، كتب القيادي الإسلامي البارز محمد جميل منصور وهو من أنصار الرئيس الغزواني مبرزا أنه “في مثل هذه اللحظات من عمر السلط السياسية، وفي جو مثل جونا بكل ما يعرفه على المستوى المحلي ويحيط به على المستويين الإقليمي والدولي، نحتاج قدرا كبيرا من الحذر والتوازن في التقييمات والمقاربات، فلكل تقييم أو مقاربة دور في دفع الأمور نحو مآل معين أو آخر، وللرأي العام خصوصا أطرافه التي لا تستحضر بما يكفي إكراهات السياق وتحديات اللحظة زوايا ضغط تلزم الحيطة في التعامل معها وتوظيفها أكثر من اللازم”.

وأضاف “أن يصارح النظام القائم وعلى رأسه رئيس الجمهورية بمتطلبات المرحلة واستحقاقاتها، فأمر مطلوب وعلى أهل الرأي والنصح القيام بذلك، وأن يوضح وعلى نحو لا لبس فيه أن خطوات جادة لعلاج سريع لارتفاع الأسعار وإحباط الكفاءات، وتحسين الوضع المعيشي، وطمأنة مواطنين يحسون بالتهميش والغبن لانتمائهم العرقي أو مكانتهم الاجتماعية، وتفعيل وتجديد للإدارة والقائمين عليها، أصبحت متعينة وملحة، وأن يعلن أن مشهد الحكم والإدارة وتولي مختلف المسؤوليات محتاج لتغييرات تطمئن أصحاب الأمل في التغيير والإصلاح، وتثبت أن الأسر لطائفة من الناس لا يحس كثير من الناس تجاهها بالارتياح كان مؤقتا وتكتيكيا ولم يكن خيارا أو توجها استراتيجيا”.

“مع كل هذا وغيره، يضيف ولد منصور، يكون من الخلل في المقاربة الاستراتيجية والقراءة الحصيفة، أن لا نستحضر جهود أطراف تريد إعادتنا لماض هو خلفية معظم المشاكل والتحديات الملاحظة اليوم، وأن لا نقرأ على نحو مناسب التطورات من حولنا استراتيجيا وأمنيا وما تتطلبه من تناغم داخلي يسمح بالنقد ويتجنب التحامل، يرحب بالنصح ويتحفظ على النقض، وأن لا نقر بخطوات اتخذت ونتائج تحققت في أكثر من مجال واستفاد منها قطاع واسع من الشعب”.

وقال “ما زال للنظام القائم ولرئيس الجمهورية رصيد من الأمل والثقة والفرص، صحيح أنه تأثر وتناقص بفعل أخطاء في هذا المجال أو أسماء في ذلك المجال، ولكن الاستدراك ممكن وقابلية الرأي العام للتجاوب الإيجابي مع أي خطوات إصلاحية، قابلية قائمة ومؤكدة”.

ويتزامن هذا الوضع مع الحالة الناجمة عن سجن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تمهيدا لمحاكمته بتهم كثيرة بينها الفساد وتبييض الأموال.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا