تركيا تأمل في إبرام صفقات استثمارية مع الإمارات خلال محادثات في أنقرة

وهج 24 : العلاقات الاقتصادية التركية الإماراتية بالأرقام.. استثمارات وتبادل تجاري كبير وآفاق أكبر عقب المصالحة  

إسطنبول-“القدس العربي”: شكلت زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى أنقرة ولقاءه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأول مرة منذ نحو 10 سنوات دافعاً كبيراً لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين ونقلها إلى مستويات متقدمة لا سيما مع التوقيع على العديد من الاتفاقيات الهامة ايذاناً بفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين عقب سنوات طويلة من الخلافات الحادة التي كادت أن تتطور إلى صدام عسكري في العديد من ساحات الصراع بالخارج. 

ولعل أهم ما ميز العلاقات بين البلدين طوال السنوات الماضية القدرة الاستثنائية على تحييد الخلافات السياسية عن العلاقات الاقتصادية التي تواصلت بل حققت نمواً متواصلاً سواء في أرقام التبادل التجاري التي وصلت إلى أكثر من 8 مليار سنوياً أو الاستثمارات المتبادلة التي توسعت أيضاً لتتجاوز هذا الرقم. 

إلا أن التقارب السياسي الذي يتوقع أن تؤسس له زيارة بن زايد إلى أنقرة والاتفاقيات الكبيرة التي جرى التوقيع عليها خلال الزيارة يتوقع أن يفتحان الباب واسعاً أمام تعاون اقتصادي أوسع وأكبر مدفوع بتقارب سياسي ليجعل البلدين من أبرز الحلفاء الاقتصاديين في المنطقة لا سيما وأن أبو ظبي تعتبر أكبر مستثمر عربي بتركيا وثاني أكبر مستورد للمنتجات التركية في العالم العربي رغم الخلافات السياسية. 

اتفاقيات هامة  

وبحسب وكالة الأناضول، تعتزم الإمارات زيادة حجم استثماراتها المباشرة في تركيا، وذلك تزامناً مع زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، إلى أنقرة، تلبية لدعوة الرئيس رجب طيب أردوغان حيث يتخلل الزيارة التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون بين البلدين، تشمل مجالات التجارة والطاقة والبيئة والاستثمار بإشراف من مكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وصندوق الثروة السيادي في تركيا من جهة، ومن جهة أخرى مجموعة أبو ظبي القابضة. 

وفي هذا الإطار، سيتم التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي، بين صندوق الثروة السيادي التركي ومجموعة أبو ظبي القابضة، ومذكرة مماثلة بين الأخيرة ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية. وستقوم الإمارات في إطار هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، بتعزيز حجم استثماراتها المباشرة على الأراضي التركية. 

وبحسب رويترز ينتظر التوقيع أيضاً على بعض الصفقات التي لا يزال يجري إعدادها فيما يتعلق بالاقتصاد والتكنولوجيا والقضايا البيئية والأمن السيبراني والقطاع اللوجيستي. ومن المتوقع أن تقوم الإمارات باستثمارات كبيرة في تركيا في الأجل القريب مثل السعي لشراكات في أصول مدرجة في صندوق الثروة التركي وهو شركة الاستثمار السيادية في البلاد. كما يتوقع أن تكون هناك استثمارات إماراتية في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء. 

تبادل تجاري واسع 

وعلى الرغم من الخلافات السياسية التي ضربت العلاقات بين البلدين في العقد الأخير إلا أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية لم تتأثر بهذه الخلافات بل ونجح الجانبين في تحييد الخلافات السياسية عن العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات المتبادلة وحجم التبادل التجاري الذي بات يتراوح حول متوسط 8 مليار دولار سنوياً، كما تحتل الإمارات المرتبة الأولى خليجياً وعربياً من حيث قيمة وتنوع الاستثمارات المباشرة في تركيا. 

ورغم أزمة كورونا بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2020 قرابة 8.5 مليار دولار، وبحسب بيانات وزارة الخارجية التركية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين قرابة 7.4 مليارات دولار أمريكي عام 2019، حيث بلغت قيمة الصادرات التركية إلى الإمارات 3.5 مليارات دولار، فيما وصلت قيمة واردات تركيا من الإمارات في العام نفسه إلى 4.33 مليارات دولار.  

وفي عام 2018 بلغ حجم التجاري بين البلدين نحو 7.6 مليارات دولار، ويعتبر عام 2017 عاماً استثنائياً بكل المقاييس حيث سجل البلدين تبادل تجاري بقيمة 14.8 مليار دولار وهو ما أثبت قابلية رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى قرابة 20 مليار دولار وهو رقم تقول أنقرة إنها تسعى إلى تحقيقه. وتحتل الإمارات المرتبة الـ12 كأكبر مستورد للسلع التركية على مستوى العالم والثانية عربياً بعد العراق، وفي المرتبة التاسعة كأكبر مصدّر للسوق التركية عالمياً والأولى عربياً. 

وبينما تصدر تركيا إلى الإمارات بدرجة أساسية الأحجار الكريمة والمعادن والآلات والأجهزة الكهربائية إلى جانب المواد الغذائية، تصدر الإمارات إلى تركيا الذهب والألمنيوم والمجوهرات والنفط والزيوت المعدنية والمواد الكيماوية والحديد، فيما يتوقع أن تفتح الاتفاقيات الجديدة آفاقاً أوسع لسلع جديدة ترفع حجم التبادل التجاري بشكل أكبر. 

استثمارات متبادلة  

وفيما يتعلق بالاستثمارات المباشرة، حلت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بين الدول الخليجية كأكبر مستثمر في تركيا بقيمة بلغت نحو 4.3 مليارات دولار، تلتها قطر والمملكة العربية السعودية في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الخليجية في تركيا قرابة 11.4 مليار دولار خلال السنوات الـ18 الأخيرة. 

واستثمرت الإمارات في السنوات الماضية بقطاعات مختلفة في تركيا أبرزها قطاع التمويل والبنوك والطاقة المتجددة، وقطاع الفندقة والمنتجعات السياحية والموانئ والمركز التجارية، إلى جانب شراء وضخ استثمارات في الشركات التركية الناشئة والتي اثبتت ريادتها في القطاع التكنولوجي والرقمي والتي كان أحدثها استحواذ شركة إماراتية على شركة تركية رائدة في مجال النقل الخفيف “السكوتر الكهربائي”. وقامت صناديق إماراتية للثروة السيادية باستثمارات كبيرة أيضا في شركة جيتير التركية لتسوق سلع البقالة عبر الإنترنت ومنصة ترينديول للتجارة الإلكترونية. 

بالمقابل، تبرز الاستثمارات التركية في الإمارات في قطاع البناء والإنشاءات حيث تنفذ شركات المقاولات التركية مشاريع ضخمة بلغت قيمتها مليارات الدولارات إلى جانب أنشطة الشركات التجارية المختلفة والتي كان أحدثها إعلان شركة أجبان تركية كبيرة بإنشاء مصنع في أبو ظبي بقيمة تتجاوز 30 مليون دولار أمريكي. 

آفاق واسعة  

وقبيل يوم من وصول بن زايد إلى أنقرة، قال وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري، الثلاثاء، إنّ العلاقات الاقتصادية مع تركيا “تشهد تطوراً مستمراً”، وذلك في اجتماع للمري مع محمد موش وزير التجارة التركي، على هامش الدورة العاشرة للّجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، التي انطلقت أعمالها في دبي بمشاركة عدد من المسؤولين الحكوميين وممثلي الشركات والوكالات الاستثمارية والقطاع الخاص في البلدين. 

وأكد الوزير الإماراتي أنّ تلك العلاقات “قادرة على تقديم فرص كبيرة ومتنوعة لإقامة شراكات جديدة في مختلف مجالات التجارة والاستثمار والقطاعات ذات الاهتمام المشترك، بما يدعم المصالح المتبادلة ويدفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يقودها البلدان قُدماً”. 

من جهته، اعتبر وزير التجارة التركي أن “تركيا والإمارات شريكان تجاريان مهمّان وحريصان على تعزيز تعاونهما في مختلف المجالات”، لافتاً إلى أن “الإمارات هي الشريك التجاري الأكبر لتركيا في منطقة الخليج وأن اللجنة الاقتصادية المشتركة تمثّل منصة متميزة لمناقشة القضايا المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية”. 

وجرى الاتفاق في ختام اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة على “خطة عمل إماراتية-تركية لزيادة حجم التجارة البينية غير النفطية وتنويعها وتسهيل إجراءاتها”، وذلك بهدف “خلق قدرات تصنيع واستثمار مشتركة، وتطوير التعاون في القطاع المالي والمصرفي والتكنولوجيا المالية الجديدة، وصياغة نموذج للتعاون وتبادل الخبرات في مجالات الابتكار وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة”. 

وشهد اجتماع اللجنة “توقيع اتفاقية لتجديد مجلس الأعمال بين اتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات ومجلس العلاقات الخارجية الاقتصادية التركي”، كما “اتفق الجانبان كذلك على تشكيل فرق فنية مشتركة لاستكشاف فرص التعاون وتحفيز الاستثمار المتبادل في القطاعات المتفق عليها في قطاعات السياحة والضيافة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثورة الصناعية الرابعة، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية وتقنيات الزراعة الحديثة والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والنقل والخدمات اللوجستية بما في ذلك الطيران المدني وسلسلة التوريد البحري والموانئ”. 

المصدر : القدس العربي – اسماعيل جمال

قد يعجبك ايضا