خيانة مزعومة وقتال حتى النهاية في دوري أبطال أوروبا

وهج 24 : شهدت الجولة الخامسة لدور مجموعات دوري أبطال أوروبا، بعض التقلبات والمتغيرات، التي ساهمت بشكل أو بآخر في إحياء آمال أندية كانت في طريقها للمغادرة من الباب الصغير، والعكس لأندية أخرى، كانت على بعد ثلاث نقاط لحسم مسألة التأهل الى الأدوار الإقصائية، لتجنب الدخول في حسبة «برما» في الجولة الأخيرة، لكن الأمور لم تسر معها بالشكل المطلوب.

صدمة برشلونة

اعتقد الجمهور الكتالوني، أن المدرب الجديد تشافي هيرنانديز، سيواصل بدايته الموفقة، بتخطي بطل البرتغال بنفيكا، بعد ثلاثة أيام من تجاوز جار المدينة إسبانيول بهدف ممفيس ديباي الوحيد، لكن فارق المستوى والخبرة بين الفريقين، أعاق «البلو غرانا» على تحقيق الهدف المنشود، وهو غلق صفحة التأهل الى دور الـ16 قبل فوات الأوان، بل لولا غياب التوفيق عن السويسري هاريس سيفيروفيتش في الدقيقة الأخيرة من عمر الوقت المحتسب بدلا من الضائع، لأطلق المدرب البرتغالي جورج جيزوس العنان لنفسه خارج الخطوط، كما فعلها من قبل مواطنه جوزيه مورينيو بعد قيادة بورتو لإقصاء مانشستر يونايتد في نسخة 2004-2005، وبالنظر إلى الأسباب التي جعلت البارسا يبدو وكأنه غير قادر على هز شباك الحارس اوديسياس فلاشوديموس حتى لو استمرت المباراة ساعة ونصف ساعة أخرى، سنجد أن أبرزها حالة التسرع والاستعجال التي سيطرت على اللاعبين، والتي تجلت في إصرارهم على نقل الكرة إلى الأمام، حتى لو كان الثمن خسارتها بشكل مجاني، وهذا يرجع للضغط العصبي والنفسي المُلقى على عاتق المدرب، والذي كان واضحا في تصريحاته قبل المباراة، وتحديدا في تركيزه على ضرورة جلب الفوز بأي ثمن، نظرا لأهمية النقاط الثلاث، التي كانت ستخلصه من كابوس الخروج المبكر من البطولة، وأيضاً بسبب المردود المادي المتوقع من التأهل الى دور الـ16، وبالتبعية كان سيواصل اللعب في مراحل خروج المغلوب بأريحية ومن دون ضغوط، كأفضل سيناريو في بداية الرحلة المعقدة، بدلا من شراء الكثير من الضغوط، بالتحول للعب في مسابقة الدوري الأوروبي، حيث سيكون مطالبا بالذهاب بعيدا في البطولة، لفارق المستوى والخبرات بين لاعبي البارسا وباقي الخصوم، حتى لو كان القوام الرئيسي للفريق أغلبه من الشباب.
بوجه عام، قدم برشلونة مباراة مقبولة، مقارنة بالصورة التي كان عليها في أواخر حقبة رونالد كومان، ولعل المكسب الأكثر وضوحا، كان عودة الحماس والروح القتالية، وبدرجة أقل ما يتعلق بالتناغم والانسجام بين اللاعبين، وهذا بطبيعة الحال، لحاجة اللاعبين الى مزيد من الوقت لاستيعاب أفكار مدربهم الجديد. ويُحسب كذلك لتشافي نجاحه في فرض أسلوبه على خصمه البرتغالي، بفرض رقابة محكمة على رافا سيلفا وإيفرتون وباقي لاعبي وسط بنفيكا، لحرمانهم من رفاهية اللعب بأريحية ونقل الكرة إلى الأمام، ولولا المهارات الفردية لبعض رجال جيزوس، لما تخلص الفريق من حدة الرقابة الكتالونية، لا سيما في الشوط الثاني، الذي بالغ فيه البارسا في الاندفاع إلى الأمام، بالأفكار الهجومية المتطرفة المعروفة عن تشافي منذ أيامه مع السد القطري، فقط النقطة السلبية التي يمكن أخذها على الفريق الكتالوني في أمسية الثلاثاء الماضي، كثرة وقوع اللاعبين في مصيدة التسلل داخل مربع العمليات، وهذا في حد ذاته يعكس ضعف خبرة اللاعبين، ما يعني أنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان، إلا إذا أحسن البديل عثمان ديمبيلي التصرف في غاراته المخيفة على المدافعين في الجانب الأيمن، بعد مشاركته في منتصف الشوط الثاني على حساب يوسف ديمير، والتي أعادت الكثير من النشاط والحيوية للخط الأمامي، بعد ظهور ملامح التعب والإجهاد على ديمير وبعض اللاعبين، كما وضح في الاستحواذ السلبي في أول ربع ساعة في الشوط الثاني، لكن في نهاية المطاف، انتهت القمة الإيبيرية بالتعادل بدون أهداف، لتبقى الكرة في ملعب تشافي ورجاله، إما بكتابة معجزة، تكون كفيلة بمحو عار فضيحة القرن، وذلك برد الدين القديم والجديد لبايرن ميونيخ، بالفوز عليه في عقر داره بأي نتيجة، لضمان التأهل للأدوار المقبلة، ولتفادي توريط النادي في أزمة مالية جديدة، لحاجة الخزينة للمكاسب المادية المنتظرة من مشاركة الفريق في المرحلة المقبلة، وإما أن يستفيق الجميع في الإقليم المتمرد بخروج الفريق من دور المجموعات، في حال انحنى البارسا أو تعادل في «آليانز أرينا» أو تعادل، وفي الوقت ذاته تمكن بنفيكا من دهس دينامو كييف، فهل يا ترى سيبقى برشلونة في أعرق كؤوس القارة العجوز؟ أم سيكون أبرز ضحايا مرحلة المجموعات؟ هذا ما سنعرفه في الثامن من ديسمبر / كانون الثاني المقبل.

خيانة مزعومة

بدون سابق إذار، زعمت العديد من المصادر الإعلامية المدريدية، منها على سبيل المثال «ماركا»، أن المدرب الألماني يورغن كلوب، سيتعمد إقصاء أتلتيكو مدريد من دور المجموعات، وذلك بالاعتماد على الصف الثاني والشباب أمام بورتو، كنوع من أنواع الثأر لخروج «الريدز» من ثمن نهائي النسخة قبل الأخيرة على يد «الهنود الحمر»، لكن شاء القدر، أن يكون الرد في منتهى القسوة، بداية بفوز أحمر الميرسيسايد بكل سهولة وأريحية على ضيفه البرتغالي بهدفين نظيفين، وفي نفس الوقت استطاع ميلان الكبير أن يُرسل الأتلتي إلى المجهول، بالفوز على التشولو دييغو سيميوني وفريقه بهدف في الوقت القاتل عن طريق جونيور ميسياس، لتنقلب أوضاع وحسابات المجموعة الثانية، بوقوف الثلاثي بورتو وميلان وأتلتيكو مدريد على قدم المساواة، بتواجد ممثل البرتغال في المرتبة الثانية برصيد 5 نقاط، متقدما بنقطة على الروزونيري وأتلتيكو، وذلك قبل أن يطير متصدر المجموعة ليفربول إلى «سان سيرو» في الجولة الأخيرة، وهي نفس الجولة التي سيحل خلالها سيميوني ضيفا على ملعب «الدراغاو» في بورتو، للرهان على أمل الفوز وانتظار هدية من كلوب في الأمتار الأخيرة، وبالتبعية تفادي الخروج المبكر من دوري أبطال أوروبا، وإما الخروج من الأبطال والفشل حتى في حفظ ماء الوجه بالذهاب إلى اليوروبا ليغ. بينما ميلان، فسيستضيف محمد صلاح ورفاقه تحت شعار «لا بديل عن ثلاث نقاط»، شريطة أن تأتي الأنباء السعيدة من البرتغال، بانتهاء موقعة بورتو وأتلتيكو بالتعادل، أو فوز الأخير، أما أي انتصار لبورتو، سيعني مرافقة أحمر الميرسيسايد في قرعة دور الـ16، بغض النظر عما سيحدث في «سان سيرو»، فمن سيحكم على وصافة هذه المجموعة المعقدة؟ دعونا ننتظر ما سيحدث يوم 7 الشهر المقبل.

قمة الزعامة

وفي عالم مواز، استمتع عشاق الفن الجميل بـ90 دقيقة لا تتكرر كل يوم في ملاعب كرة القدم، بين الفريقين الأغلى والأعلى قيمة سوقية في العالم مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان، والتي حسمها فريق المدرب بيب غوارديولا عن جدارة واستحقاق بنتيجة 2-1، بعد التأخر في أول خمس دقائق بهدف كيليان مبابي، قبل أن يأتي العقاب عن طريق رحيم ستيرلنغ والبديل الموفق غابرييل جيزوس. وكما شاهدنا جميعا، كانت مباراة أقل ما يُقال عنها من «كوكب آخر»، لمستوى الجودة والكفاءة بين الطرفين، والتي تجلت في النسق الجنوني على أرض الملعب، مع أفضلية للفريق السماوي، الذي أجاد عملية الضغط العالي، لمنع ماركينيوس وأشرف حكيمي من بناء الهجمات بأريحية لهيريرا وباريديس. الاستثناء الوحيد في الشوط الأول، كان لقطة هروب أسد أطلس من الجهة اليمنى، التي قطع خلالها الملعب بطوله في غضون ثوان، انتهت بإيصال الكرة الى نيمار على حدود منطقة السيتيزينز، لكنه لم يُحسن استغلالها، بعدها حاول أشرف تكرار نفس اللقطة، لكن الفيلسوف عرف كيف ومن أين تؤكل الكتف، بوضع رودريغو كرأس مثلث أمام جواو كانسيلو وزينتشينكو، ما ساهم في خلق كثافة في هذه الجبهة، ومن حسن حظ غوارديولا، أن نظيره ماوريسيو بوتشيتينو لم يفكر في أخذ المغامرة بالهجوم من الجهة الأخرى عن طريق نونو مينديز ونيمار. وأبعد من ذلك، يمكن القول إن البوش لم يُدر المباراة بالطريقة التي أرادها أو انتظارها الجمهور الباريسي ومجلس الإدارة، بتقديم فريق الأحلام على أنه مجرد فريق يبحث عن النقاط الثلاث، أو بعبارة أخرى هو في واد والناس في باريس في واد، حيث أنهم يبحثون عن مشروع يتماشى مع الجودة والإمكانات التي يحلم بها أي مدرب في العالم، فريق يبهر الأعين بأرقى فنون كرة القدم، وفي نفس الوقت لديه شخصية وهيبة وأسلوب واضح داخل الملعب، مثل مانشستر سيتي بيب غوارديولا وليفربول يورغن كلوب وتشلسي توماس توخيل، أما على أرض الواقع، فيبدو وكأن المدرب الأرجنتيني ما زال يتعامل بالعقلية أو الطريقة التي كان يُدير بها مشروعه القديم مع ساوثهامبتون وبدرجة أقل توتنهام، والدليل على ذلك، اقترابه من كسر عامه الأول في «حديقة الأمراء»، من دون أن يُقدم المحتوى أو النسخة المنتظرة لباريس سان جيرمان بعد طرد توخيل، وما عزز هذا الانطباع، الطريقة الدفاعية التي لعب بها أمام السيتي، واعتماده على الهجمات المرتدة، باستثناء ومضات فردية على فترات متباعدة عن طريق ميسي ونيمار. وفي المقابل، كشر فريق غوارديولا عن نفسه، كمنافس ومرشح فوق العادة لإنهاء عقدته مع الكأس ذات الأذنين، بفرض أسلوبه وشخصيته على فريق الأحلام، فقط يحتاج الاستمرارية وقليل من التوفيق في الأمتار الأخيرة، معها سيكون فارس التوقعات في مراحل خروج المغلوب، إلا إذا كانت مجرد انتفاضة في منتصف الموسم، وحدث تراجع في المستوى الأفراد والمنظومة الجماعية مع عودة البطولة في المراحل الحاسمة في فبراير / شباط المقبل، التي تتشكل خلالها ملامح البطل، بعيدا عن فترة جس النبض في المجموعات.

الدفعة الثانية

كما كان متوقعا، شهدت هذه الجولة وصول الدفعة الثانية من المتأهلين مبكرا إلى دور الـ16، وكان مانشستر يونايتد أول المرافقين لأصحاب العلامات الكاملة في أول 4 مباريات، بعد انتصاره الثمين خارج القواعد على فياريال بهدفين نظيفين، منهما هدف العادة للأسطورة كريستيانو رونالدو، ليعزز مكانه في صدارة هدافي البطولة في كل العصور، بوصوله لهدفه الشخصي رقم 140، بفارق 17 هدفا عن غريمه الأزلي ليونيل ميسي، لتبقى البطاقة الثانية لهذه المجموعة معلقة بين الغواصات الصفراء، أصحاب المركز الثاني بسبع نقاط، وأتالانتا الإيطالي صاحب المركز الثالث بست نقاط، وذلك قبل مباراتهما معا في الجولة الأخيرة التي سيستضيفها ملعب «جيويس»، في ما ستكون مباراة «حياة أو موت» للفريقين، إما الانتصار والعبور إلى الأدوار الإقصائية، وإما الخروج نهائيا من البطولة والمسابقات الأوروبية عموما، في حال عاد الفريق السويسري يانغ بويز بنتيجة خارج التوقعات من ملعب «أولد ترافورد» في اختباره الأخير ضد مانشستر يونايتد، وقد حدث هذا الانقلاب في المجموعة الحديدية، بعد المفاجأة المدوية التي فجرها الفريق السويسري بتعادله مع رجال غاسبريني بنتيجة 3-3، وكان ذلك في نفس توقيت الهزيمة المذلة التي تعرض لها يوفنتوس على يد تشلسي برباعية نكراء على ملعب «ستامفورد بريدج»، في مباراة فسرها المدرب ماكس أليغري، على أنها منطقية، لافتقار لاعبيه للرغبة والقتال داخل المستطيل الأخضر، لضمان التأهل المبكر، لكن الأسابيع المقبلة ستكون شاهدة على صحة إدعاء أليغري من عدمه. وعلى أي حال، نجح تشلسي في ضرب عصفورين بحجر واحد بفضل الرباعية، الأول اللحاق بركب المتأهلين بشكل رسمي، والثاني الانقضاض على الصدارة، لتفادي الاصطدام بأحد الكبار المتصدرين في دور الـ16.
وبالمثل رد ريال مدريد الصاع صاعين للمغامر المولدوفي شيريف، بالفوز عليه في عقر داره بثلاثية بلا هوادة، كانت قابلة للمزيد، لولا أن تعامل معها كارلو أنشيلوتي وفريقه على أنها مجرد تحصيل حاصل، بعد إحكام السيطرة على الصدارة وضمان التأهل، بالوصول للنقطة العاشرة، بفارق نقطتين عن الوصيف الإنتر، الذي لحق هو الآخر بركب المتأهلين من الدفعة الثانية وقبل الأخيرة، بفضل انتصاره على شاختار بهدفين دون رد، لتصبح مباراته الأخيرة ضد ريال مدريد التي سيستضيفها ملعب «سانتياغو بيرنابيو»، فاصلة لتحديد متصدر ووصيف هذه المجموعة، أو بالأحرى الذي سيتصدر ويتجنب خوض نهائي مبكر والآخر الذي ستصدمه القرعة بمواجهة نارية. فيما كانت أغرب المفاجآت، خروج بوروسيا دورتموند من المجموعات، بعد هزيمته أمام سبورتينغ لشبونة بنتيجة 3-1، ليفتك الفريق البرتغالي بطاقة الصعود الثانية لهذه المجموعة، بجانب المتصدر أياكس أمستردام، الذي قلب تأخره بهدف أمام بشكتاش التركي إلى انتصار ثمين بهدفين لهدف، من توقيع هداف المسابقة بتسع أهداف الفرنسي المولد / الإيفواري الهوية سيباستيان هالر. أما المجموعة التي لا يتابعها أحد، أو المعروفة بـ«شبيهة مجموعات اليوروبا ليغ»، التي تضم ليل وريد بول سالزبورغ وإشبيلية وفولفسبورغ، فما زالت مفتوحة على الاتجاهات، بعد تمسك الفريق الفرنسي بالصدارة بفوزه على ضيفه النمساوي بهدف نظيف، تزامنا مع تجدد آمال الفريق الأندلسي بتغلبه على ممثل البوندسليغا بنتيجة 2-0، وبهذا بات ترتيب المجموعة السابعة على النحو الآتي: ليل الأول بثماني نقاط، وسالزبورغ في المركز الثاني بسبع نقاط، يليه إشبيلية بست نقاط ثم فولفسبورغ بخمس نقاط، وذلك قبل أن يحل المتصدر ضيفا على متذيل المجموعة والوصيف سيستضيف الثالث في نفس التوقيت في الجولة الأخيرة، لهذا ستبقى الحظوظ متساوية بين الفرق الأربعة حتى صافرة النهاية.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا