زيارة وزير خارجية فرنسا.. هل صمت الجزائر علامة “عدم رضى”؟
وهج 24 : أجرى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء، زيارة مفاجئة للجزائر بعد أسابيع من أزمة دبلوماسية بين البلدين خلفتها تصريحات وصفت بالمسيئة من الرئيس إيمانويل ماكرون، فهل نجحت في حلحلة الوضع؟
وتباحث لودريان فور وصوله الجزائر مع نظيره رمطان لعمامرة، كما استقبل من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، وسط صمت جزائري حول مضمون المباحثات وأجندة الزيارة.
وصرح الوزير الفرنسي عقب استقباله من قبل الرئيس تبون، بأن زيارته إلى الجزائر تهدف لإرساء “علاقة ثقة” يطبعها احترام وسيادة كل طرف، معربا عن أمله في العمل على “رفع العوائق وحالات سوء الفهم التي قد تطرأ بين البلدين”.
وأوضح لودريان، أنه يتوخى من زيارته إلى الجزائر تحقيق هدفين ألا وهما “إرساء “علاقة ثقة بين بلدينا يطبعها احترام سيادة كل طرف، وكذا النظر إلى المستقبل من أجل العمل على بعث شراكتنا الضرورية وتعميقها”.
وأعلن أن الطرفين قد اتفقا خلال المحادثات على استئناف بعض محاور التعاون الثنائي، متمنيا “أن يفضي الحوار الذي نبعثه اليوم إلى استئناف المبادلات السياسية بين حكومتينا في 2022″، دون تأكيد أو نفي جزائري من حصول هذا الاتفاق.
بداية مسار جديد
وتشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية، منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، أزمة حادة إثر تقليص باريس حصة التأشيرات الممنوحة للجزائريين، بذريعة عدم تعاون الجزائر في إعادة مهاجريها غير النظاميين.
وردت الجزائر باستدعاء سفير باريس لديها للاحتجاج على القرار الفرنسي الذي وصفته بأنه “يقوض الجهود الثنائية للتصدي للهجرة غير النظامية”.
ومطلع أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، تأزمت العلاقات أكثر بعد تصريحات للرئيس الفرنسي ماكرون، طعن من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، حيث تساءل: “هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟”.
لترد الجزائر باستدعاء سفيرها في باريس “من أجل التشاور”، ومنعت تحليق الطائرات الحربية الفرنسية المشاركة في عمليات عسكرية بمنطقة الساحل الإفريقي.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لقناة “فرانس 24″، الأربعاء، إن الزيارة “بداية مسار وأنها أتت في سياق استئناف الاتصالات بين البلدين وهي زيارة عمل وتقييم، لا تغلق فترة العلاقات بين البلدين، ولكن تطوي صفحة وتحدد مسارا للخروج”.
وأضاف المصدر ذاته (لم تسمه القناة)، أن “المحادثات سمحت بإعطاء دفع سياسي لاستئناف المشاورات والعمل بين البلدين حول مسألة الهجرة، ولا سيما بشأن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من فرنسا، موضحا أن المحادثات ستتواصل بهذا الشأن”.
وأردف: “المحادثات تناولت إغلاق الجزائر أجواءها أمام الطائرات العسكرية الفرنسية المشاركة بالعمليات العسكرية في الساحل الإفريقي ومالي، وتم إطلاق مشاورات بهذا الشأن لكن لا اتفاق بين البلدين حتى الآن على إعادة فتح الأجواء”.
صمت جزائري
ولم يصدر الجانب الجزائري أي تعليق حول الزيارة ومخرجاتها، لكن الرئيس تبون لمح نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، إلى إمكانية استئناف العلاقات لكن وفق محددات جديدة.
وقال تبون، إن العلاقات “يجب أن تعود إلى طبيعتها ولكن يجب أن يعرف الجانب الفرنسي أن التعامل معه الند للند ليس استفزازا ولكنه صيانة لسيادة بلدنا، ولن نقبل أن نكون تحت جناح أي جهة لأننا بلد كبير”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن “زيارة لودريان كان هدفها التهدئة وإرساء مصالحة بين البلدين بعد أزمة دبلوماسية دامت قرابة شهرين وهي الأكثر حدة منذ سنوات”.
ونقل موقع “كل شيء عن الجزائر” الناطق بالفرنسية، عن مصادر (لم يسمها)، قولها إن هدف زيارة وزير الخارجية الفرنسي الرئيس كان “التهدئة” و”تجسيد مصالحة” بين البلدين بعد أزمة تصريحات ماكرون.
فيما نشرت صحيفة “الشروق” الجزائرية، مقالا حول الزيارة تحت عنوان: “تودد فرنسي لطي الأزمة مع الجزائر في 2022″، جاء فيه أن لودريان لعب “منذ اندلاع الأزمة بين الجزائر وباريس دور رجل المطافئ بتصريحاته الداعية إلى التهدئة”.
خطوة غير كافية
وقال توفيق بوقاعدة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر العاصمة، إن “زيارة وزير الخارجية الفرنسي المفاجئة تعتبر خطوة باتجاه إعادة الدفء للعلاقات الجزائرية الفرنسية”.
وتابع: “لكن القراءة المتأنية لتصريحاته تظهر أن الخطوة غير كافية لدى الجانب الجزائري بدليل عدم إدلاء الجانب الجزائري بأي تصريح حول الزيارة وكذا لغة التمني التي صاغ بها لودريان تصريحاته”.
وأردف: “الشيء الملفت هو أن الطرفين اتفقا على بداية الحوار وهي خطوة إيجابية وفرنسا أدركت حجم الضرر الذي سببته لها الأزمة مع الجزائر”.
وذكر قائلا: “السبب هو أن الجزائر دولة محورية بالمنطقة تربطها بها (فرنسا) علاقات اقتصادية وسياسية وحتى شراكات في التعامل مع ملفات إقليمية والتي لا يمكن أن تخوض فيها دون تنسيق مع الجزائر على غرار أزمتي ليبيا ومالي”.
وعن الموقف الجزائري من الزيارة، يضيف المتحدث: “في اعتقادي أنه مثلما هو معروف في العرف الدبلوماسي فالجانب الجزائري يكون قد اشترط اعتذارا من الجهة التي كانت وراء الأزمة وهي الرئيس ماكرون وبهذه الخطوة يمكن للعلاقات أن تعود إلى طبيعتها”.
واستطرد: “لا يمكن استثناء الانتخابات الفرنسية من هذه الخطوة التي قامت بها باريس بإيفاد وزير خارجيتها إلى الجزائر كون رهان ماكرون على اليمين واليمين المتطرف أظهرت استطلاعات الرأي محدوديته”.
وتابع: “بالتالي فماكرون بحاجة في سباق الرئاسة لأصوات الجاليات المسلمة وخاصة الجزائرية التي تعد الأكبر وكذا اليسار الذي انتقد تصريحاته وهو ما جعله يدفع نحو إنهاء الأزمة بسرعة”.
المصدر : (الأناضول)