صحيفة عبرية: هل ستكون 2022 سنة تستعرض فيها إسرائيل عضلاتها أمام “الجيران”؟

صورة الوضع الاستراتيجي في المنطقة قد تشوش العقل: فمن جهة، تتمتع إسرائيل بتفوق غير مسبوق، عسكرياً وسياسياً وتكنولوجياً. من جهة أخرى، تبدو التحديات التي تقف أمامها أعقد مما كانت من قبل، و2022 لن تجعلها أبسط.
التحدي الأساس بطبيعة الحال هو إيران وبرنامجها النووي. تجد إسرائيل صعوبة برؤية أية ذرة تفاؤل لنشوء أمر خير من محادثات النووي. ويخيل أن الخيار الآن يتراوح بين اتفاق سيئ واتفاق أسوأ. وهذا لا يترك إسرائيل بلا أوراق، ولكنه يلزمها بأن تحسم ما هي خطوطها الحمراء، وماذا تعتزم عمله إذا ما تم اجتيازها.
صحيح أن جهاز الأمن يتحدث عن قدرة لإلحاق ضرر ذي مغزى بالبرنامج الإيراني في حالة تقرر هجوم عسكري، ولكن يخيل أن هذه أمور سابقة لأوانها وزائدة أساساً. وكما قال رئيس الوزراء بينيت، هذا نوع من المواضيع التي يفضل الحديث عنها أقل والعمل فيها أكثر (عند الحاجة).
لكن إيران تقلق إسرائيل ليس فقط في الجانب النووي؛ فمساعي تسليح فروعها في المنطقة تتواصل بلا انقطاع، بما في ذلك بوسائل قتالية متطورة – مع التشديد على الصواريخ الجوالة وقدرات دقيقة أخرى. ثمة افتراض بأن إرسالية كهذه، وهي ما تعرضت له أمس من هجوم في اللاذقية، مثلما بدا كهجوم كبير وناجح إذا ما أخذنا بالحسبان المدة الزمنية التي اشتعلت فيها المخازن في الميناء السوري.
هذه هي المرة الثانية التي ينسب فيها لسلاح الجو هجوم في اللاذقية في الأسابيع الأخيرة، مما يشهد على أن الإيرانيين ينوّعون وسائل تهريبهم إلى “حزب الله”: أحيانا من الجو عبر دمشق، وأحياناً من البر عبر الحدود العراقية، وأحياناً عبر البحر.
تنجح إسرائيل في إحباط معدل عال جداً من وسائل التهريب هذه، ولكن ليس كلها. قد نجد لذلك دليلاً في التعديلات التي أجراها سلاح الجو مؤخراً على طلعاته في سماء لبنان، بسبب التهديد المتزايد من جانب “حزب الله”. يعد هذا موضوعاً حرجاً على نحو خاص؛ لأن حرية طيران سلاح الجو في لبنان حيوي أيضاً للهجمات في سوريا، والتي تتم في معظمها -حسب المنشورات الأجنبية- من سماء لبنان، تقليصاً للخطر على طائرات سلاح الجو من جانب بطاريات مضادات الطائرات السورية، وكذا لجمع المعلومات الجارية عن لبنان نفسه وعن أعمال “حزب الله” فيه.
في شباط من هذه السنة، أطلق “حزب الله” صواريخ نحو طائرات مسيرة لسلاح الجو، طارت في لبنان في مهمة جمع المعلومات. ومع أن الطائرات المسيرة لم تصب بأذى، ولكن يبدو أن سلاح الجو أجرى في أعقاب ذلك تعديلات مختلفة كي يقلص الخطر على الطائرات وعلى الطواقم الجوية. وثمة افتراض بأن الإيرانيين نجحوا في تهريب منظومات مضادة للطائرات إلى “حزب الله”؛ وبقدر ما هو معروف، يحوز التنظيم تحت تصرفه منظومات من طرازSA-22 و SA-8، التي استخدمت في بداية السنة.
إن تقليص حرية عمل سلاح الجو في لبنان يقلق في الجانب العملياتي، بل وفي جانب الوعي أيضاً.
حزب الله – الذي يعرض نفسه كـ “درع لبنان”، يسعى لخلق معادلة ردع جوي في لبنان تشبه تلك التي يفرضها على الأرض. من ناحيته، تبدو الطلعات المتواترة للطائرات الإسرائيلية مبرراً للهجوم من جهته؛ ويختار الهجمات بعناية وبتقنين كي لا يحطم الأدوات فيؤدي إلى رد إسرائيلي مضاد.
ولكن إسرائيل ملزمة بأن تقرر لنفسها، بنفسها، ما الذي تعتزم عمله مع هذا التهديد الجديد. سنوات التلعثم لديها تجاه تسلح “حزب الله” المتسارع بالصواريخ بعد حرب لبنان الثانية، أدت إلى ميزان الرعب القائم اليوم حيال إيران. وعليها ألا تدع ميزاناً مشابهاً يتشكل في الجو أيضاً، وقد تكون مطالبة باتخاذ خطوة مانعة لحرمان “حزب الله” من هذه القدرات – قبل أن يعمل التنظيم مرة أخرى فينجح -لا سمح الله- بإسقاط طائرة.
وثمة معضلة مشابهة حيال القدرة على تبنى بمواظبة لدى “حزب الله” في مجال الصواريخ الدقيقة. ومن الأفضل لإسرائيل أن تبادل وألا تنجر؛ ويمكن أن تستغل مناوشة محلية لهذا الغرض على الجدار أو حدث تكتيكي آخر. خسارة أن إسرائيل لم تفعل هذا في شباط، عندما أطلق “حزب الله” النار نحو طائرات غير مأهولة – ما كان سيؤدي أغلب الظن إلى الهجوم على بطاريات مضادات الطائرات في سوريا، والتي امتنعت إسرائيل عن ممارستها في لبنان.
سيجد سلاح الجو حلولاً تكتيكية للمشكلة، ولكن لا يجب أن يسمح هذا لإسرائيل بالهرب من الموضوع المبدئي. في هذا الجانب – وحيال الفاعلية الإيرانية التي قد تتعاظم أكثر فأكثر من لحظة التوقيع مجدداً على اتفاق نووي، كفيلة إسرائيل أن تكون مطالبة باستعراض العضلات في 2022 كي تذكر الجيران بأن تفوقها يتجسد.
بقلم: يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 29/12/2021

قد يعجبك ايضا