ليبيا: تقاربات بين مجلسي النواب والدولة تقابلها مخاوف من التمديد وحكومة جديدة
الشرق الأوسط نيوز : اتفاق ليبي جديد ومرحلة انتقالية أخرى تلوح في الأفق، فبعد فشل مسار ملتقى الحوار السياسي، ووصوله إلى حائط مسدود عقب تعثر إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي كما كان مقرراً في خريطة الطريق التي اعتمدتها لجنة الحوار، عاد الأمر مجدداً إلى الجسمين السياسيين الأبرز في البلاد؛ النواب والدولة؛ فقد أعلن مجلس النواب الليبي بدوره عن تشكيل لجنة لوضع خريطة طريق يراها مراقبون مساراً موازياً للمسار الذي رعته البعثة الأممية.
فيما أبدى المجلس الأعلى للدولة، وعلى رأسه رئيس المجلس خالد المشري، رغبته في عودة الحوار مع مجلس النواب بشأن الاستحقاقات السياسية.
وسرعان ما تواردت الأنباء من وسائل الإعلام المحلية حول اتفاق جديد لرئيسي مجلس الدولة خالد المشري، والنواب عقيلة صالح، لرسم خريطة طريق جديدة لحل الأزمة الليبية، ينفردان بها بعيداً عن ستيفاني وليامز التي ما زالت تجري اتصالاتها مع مختلف الأطراف في محاولة لإنقاذ خريطة الطريق التي تستكمل آجالها مع نهاية حزيران/ يونيو المقبل.
وما تزال ملامح الاتفاق الجديد غير واضحة المعالم بشكل كامل بعد، إلا أن مصادر مقربة من المجلسين كشفت لـ”القدس العربي” عن نية كل من المشري وعقيلة تنحية عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وتكليف حكومة جديدة برئاسة شخص من الغرب الليبي، ترجح مصادر أن فتحي باشاغا الذي دخل في تحالف مع عقيلة في قوائم المرشحين بملتقى الحوار السياسي، زار مؤخراً اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بنغازي شرقي البلاد، ما يجعله الأقرب لتولي هكذا منصب.
وقالت المصادر ذاتها إن كل أجندة الاتفاق ما تزال محل نقاش بما في ذلك مدة خريطة الطريق الجديدة، وإمكانية الذهاب في المسار الدستوري وعرض مشروع الدستور على الليبيين للاستفتاء عليه، أو محاولة إجراء بعض التعديلات على مسودة الدستور قبيل عرضها.
غير أن تضارباً شديداً شهدته وسائل الإعلام الليبية أمس حيال هذه المحادثات وهل هي مباشرة بين كل من المشري وعقيلة في المغرب أم لا، فقد أكد مصدر من مجلس الدولة لـ”القدس العربي” أن رئيس المجلس خالد المشري موجود في تركيا ولم يذهب إلى المغرب، لافتاً إلى أن الموجودين في المغرب هم قادة لمجموعة من الكتائب العسكرية وصلت هناك لغرض إجراء محادثات مع الطرف الآخر فيما يتعلق بالمؤسسة العسكرية.
يقابل ذلك ما ذكرته وسائل إعلام محلية بشأن لقاء جرى السبت في المغرب بين عقيلة صالح وخالد المشري، بحضور بلقاسم نجل خليفة حفتر ومصطفى قدور لمناقشة عدة آراء تتعلق بلجنة الدستور والانتخابات دون الوصول إلى نتيجة محددة.
وجاءت هذه الأنباء في الوقت الذي أعلنت فيه لجنة خريطة الطريق المشكلة بقرار من مجلس النواب عن لقاءات مرتقبة مع المجلس الأعلى للدولة، والهيئة الوطنية لصياغة الدستور، والمجلس الرئاسي، والأحزاب السياسية، وغيرها من جهات معنية بهذا الخصوص. وقالت اللجنة، في إيجاز صحافي، إنها ستباشر لقاءاتها مع كل الأطراف الليبية السياسية والعسكرية والأمنية وغيرها من الجهات المعنية بالعملية السياسية؛ من أجل توسيع قاعدة المشاركة والاستماع لكل الآراء والمقترحات. وحذر متابعون للشأن المحلي من أن مفاوضات المشري وعقيلة هي فقط “محاولة للتمديد والبقاء أطول فترة ممكنة” عبر تشكيل لجنة لخريطة طريق جديدة تتطلب مدداً إضافية، لافتين إلى أن الحديث عن مشروع الدستور مناورة سياسية الهدف منها التمترس في مواقعهم، وإفشال أي مطالبات شعبية بإخراج هذين الجسمين من المشهد.
ويشير المتابعون إلى أنه في حال كلف البرلمان الليبي حكومة جديدة بدلاً عن حكومة الوحدة الوطنية، فإن البلاد قد تعود إلى مربع الانقسام المؤسساتي من جديد، لا سيما وأن البيانات الدولية شددت على ضرورة تسليم السلطة إلى مؤسسة منتخبة ديمقراطياً، وهو ما قد يقود البلاد إلى صراع مسلح عنيف، في ظل انتشار لظاهرة الفقر، واجتياح كورونا مع ضعف الإمكانيات الطبية، ما ينذر بكارثة إنسانية وفق كل المعايير.
ويرى الكاتب والصحافي علي الوندي أن أي مفاوضات أو محادثات بين الأطراف الليبية في حال لم تتوصل إلى مواعيد محددة لإجراء الاستحقاقات الانتخابية مع معالجة المسارات الأمنية، الدستورية، والاجتماعية؛ فإنها لن تقود سوى لمزيد من المراحل الانتقالية “اللامتناهية” والقضاء على آمال الليبيين في عودة التداول السلمي على السلطة عن طريق صناديق الاقتراع.
وقال الوندي، في حديث لـ “القدس العربي”، إنه بات من الضروري إجراء انتخابات مبنية على أسس قانونية ودستورية سليمة ومتوافق عليها؛ لتنحية كل الأجسام الحالية عن المشهد، وإتاحة الفرصة للشعب الليبي ليقول كلمته، ويختار من يقوده خلال المرحلة القادمة، مضيفاً أنه من المهم أن يدرك الليبيون أن عليهم الضغط والمطالبة بمعالجة الخلل الحاصل، ومن ثم الذهاب إلى الاستحقاق الانتخابي.
ويترقب الجميع جلسة مجلس النواب اليوم الإثنين، والتي من المقرر أن يقدم خلالها رئيس وأعضاء مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات إحاطة حول تعذر إجراء الانتخابات في موعدها، وما يستجد في هذا الملف. ويأمل الليبيون أن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار سلطة تمثلهم، وتنهي معاناة الانقسام، وتبعد شبح الحروب الذي أثقل كاهل المواطنين.
المصدر : القدس العربي