*فادي السمردلي يكتب:هيئة التمكين والشفافية والديمقراطية في الأحزاب بين ضرورة الاستقلالية والمساءلة لمواجهة التسلط الداخلي**

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

تُعد هيئة التمكين والشفافية والديمقراطية في الأحزاب من أهم الهيئات التي يجب أن تتسم بالقوة والفعالية لتحقيق بيئة حزبية سليمة فالهدف الأساسي من وجودها هو حماية قيم الحزب وضمان التزامه بمبادئ الشفافية والمساءلة، بما يعزز من ثقة الأعضاء ويخلق بيئة ديمقراطية قائمة على العدالة والمساواة.
إنها ليست مجرد لجنة أو إدارة ثانوية، بل جهة رقابية مستقلة، يجب أن تتاح لها كافة الصلاحيات دون قيود من أجل القيام بدورها على أكمل وجه، وتظل مستقلة عن أي جهة داخل الحزب قد تحاول السيطرة على قراراتها أو التأثير عليها.

دور هذه الهيئة لا يتوقف عند متابعة الشؤون الإدارية أو التنظيمية، بل يمتد ليشمل رقابة صارمة على تصرفات قادة الحزب وأعضائه، خاصة أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية فمن دون هذه الرقابة المستقلة، يفقد الحزب مصداقيته وقدرته على تحقيق أهدافه السياسية، ويغدو عرضة للتأثيرات الشخصية التي قد تنحرف به عن مساره لذا، ينبغي أن يتمتع أعضاء الهيئة بالحرية التامة في الوصول إلى المعلومات والتحقيق في أي شكوى تُرفع ضد أي عضو أو قائد، بغض النظر عن منصبه أو مكانته، وأن لا تعترض طريقهم أي قيود تمنعهم من تأدية مهامهم بمهنية وشفافية.

من الضروري أن يكون استقلال الهيئة وعدم ارتباطها بأي شخص أو مكتب داخل الحزب، هو مبدأ ثابت غير قابل للمساومة. لإن ارتباطها بشخصية واحدة أو مجموعة محدودة من الأفراد يمهد الطريق للتحكم بقراراتها ويُعرّضها لهيمنة المصالح الضيقة التي قد تُملي عليها توجهات تخدم أطرافاً محددة، لا الحزب ككل فهذا النوع من السيطرة يقوض مبدأ الديمقراطية ويحول الحزب إلى كيان خاضع لأهواء قلة، بينما الأصل في العمل الحزبي هو تمثيل إرادة الجماعة والعمل ضمن إطار مشترك يخدم مصلحة الأعضاء جميعاً ولهذا، يجب ألا يكون لأي شخص سلطة حصرية في اتخاذ القرارات المؤثرة داخل الهيئة، لأن مثل هذا النفوذ يحوّل الهيئة من جهة رقابية إلى أداة بيد أفراد معدودين يسعون للتلاعب بمصالح الحزب.

يجب أن يتمتع أعضاء الحزب بالوعي الكافي حول دور الهيئة وضرورة استقلالها، وأهمية عدم السماح لأي شخص أو جهة داخلية بمحاولة السيطرة عليها، ويتوجب على الحزب وضع ضوابط واضحة وآليات صارمة لضمان استقلالية الهيئة وحمايتها من التعديات أو التدخلات الخارجية وفي حالة أي محاولة للتلاعب بقرارات الهيئة أو عرقلة عملها، يجب أن تتوفر إجراءات عقابية حازمة تعاقب كل من تسول له نفسه العبث بمبادئ الشفافية والديمقراطية ولا بد أن يتخذ الحزب موقفاً قوياً ضد أي شكل من أشكال الاستبداد أو الاستفراد بالسلطة داخل الهيئة، لأن هذا المسار ليس فقط منافياً لأهداف الحزب، بل يُعد تقويضاً صريحاً لروح الديمقراطية التي يجب أن يتحلى بها العمل الحزبي.

إن الهيئة مسؤولة عن تطبيق مبادئ النزاهة والعدالة، ويجب أن تظل فوق الجميع، دون تحيز أو تحكم، لأن تقييد عملها أو التحكم فيه يضر بسمعة الحزب ويجعله عرضة لفقدان ثقة الأعضاء على حد سواء فهذه الهيئة تعمل كعينٍ رقابية تحافظ على المسار الصحيح للحزب وتضمن التزامه بتوجهاته وبرامجه، وبدون استقلالية تامة لها، فإن الحزب يُخاطر بأن يصبح أداة خاضعة للمصالح الشخصية الضيقة بدلاً من أن يكون مؤسسة تمثل الإرادة الجماعية وتعمل لخدمة الصالح العام.

في ضوء ذلك، يجب أن تظل الهيئة حرة من أي ارتباطات أو مصالح تؤثر على قراراتها، وأن تكون مرجعاً موثوقاً للشكاوى والرقابة داخل الحزب، دون تدخل من جهات تسعى لتوظيفها لتحقيق أجندات شخصية.
إن الالتزام بدعم هذه الهيئة وحماية استقلاليتها يُعد واجباً على كل عضو في الحزب، وأي محاولة للسيطرة على قراراتها أو عرقلة عملها تُعتبر تعدياً على مبادئ الحزب الأساسية ويجب أن تواجه بصرامة ودون تهاون.

باختصار، هيئة التمكين والشفافية والديمقراطية هي ضمانة الحزب نحو النزاهة، وهي الدرع الذي يحمي قيمه ويدافع عن حق أعضائه في العدالة والمساءلة وأي تعدٍّ على استقلاليتها أو تحكم في قراراتها هو تعدٍّ مباشر على الديمقراطية ذاتها، وما لم يُحافظ على حرية هذه الهيئة وأدواتها الرقابية، فإن الحزب يواجه خطراً حقيقياً بفقدان هويته وتحوله إلى كيان تسوده الفوضى والمصالح الشخصية، بدلاً من أن يكون مؤسسةً ديمقراطية فعالة تعمل من أجل تحقيق الصالح العام.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.