*فادي السمردلي يكتب: غياب البرامج والخطط التنموية الحقيقية عن الأحزاب(٣٦/٨)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب(٣٦/٨).”*
ماذا يعني غياب البرامج والخطط التنموية الحقيقية عن الأحزاب؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
غياب البرامج والخطط التنموية الحقيقية عن الأحزاب السياسية يعد من أكثر القضايا التي تؤثر سلباً على فاعليتها في تحسين أوضاع المجتمعات التي تسعى لقيادتها فكثيراً ما تركز الأحزاب على الشعارات السياسية البراقة والوعود الانتخابية التي تلامس آمال المواطنين بشكل عاطفي، بدلاً من العمل على وضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة وهذا التوجه، على الرغم من كونه يبدو جذاباً في مرحلة الانتخابات، إلا أنه في النهاية لا يؤدي إلى نتائج ملموسة على الأرض، مما يخلق حالة من الفتور الشعبي تجاه الأحزاب السياسية ويعمق الإحباط في المجتمع.
من أبرز مظاهر ضعف الأحزاب السياسية في هذا السياق هو غياب الرؤية الواضحة لحل القضايا الاقتصادية والاجتماعية فالعديد من الأحزاب السياسية تفشل في تقديم خطط تفصيلية تتضمن خطوات عملية ومدروسة للتعامل مع قضايا مثل البطالة، الفقر، التعليم، الرعاية الصحية، أو حتى تحسين البنية التحتية وبدلاً من ذلك، تكتفي تلك الأحزاب بتقديم شعارات عامة وأحياناً غير قابلة للتطبيق، مثل “خلق فرص العمل”، أو “مكافحة الفقر”، دون أن تضع آليات واضحة أو مواعيد زمنية لتحقيق هذه الأهداف فهذه الوعود الفضفاضة تؤدي إلى تراكم خيبات الأمل لدى الناس، الذين بدأوا يدركون أن الأحزاب لا تقدم أكثر من كلمات لا طائل منها.
الأمر لا يتوقف عند تقديم الوعود غير القابلة للتحقيق، بل يمتد ليشمل تبني سياسات ارتجالية تفتقر إلى أي دراسة علمية أو اجتماعية وفي كثير من الحالات، نجد أن هذه الأحزاب تعتمد على حلول سريعة وعشوائية للتعامل مع الأزمات المستمرة، مثل فرض ضرائب جديدة أو تقليص الدعم الحكومي دون تقديم بدائل حقيقية للفئات الضعيفة وهذه السياسات غالباً ما تكون مبنية على حسابات سياسية ضيقة، تهدف إلى تحصيل مكاسب انتخابية أو لحشد التأييد الجماهيري، لكنها في النهاية تضر بمصالح المواطنين وتزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
من النتائج المباشرة لهذا النوع من التعامل مع القضايا السياسية هو استمرار التدهور الاقتصادي والاجتماعي وفي غياب الخطط المدروسة، تزداد مشكلات الفقر والبطالة، وتستمر الخدمات العامة في التدهور، وتواجه الطبقات المتوسطة والفقيرة ضغوطاً متزايدة على حياتهم اليومية وهذا التدهور المستمر في الوضع العام يؤدي إلى خلق حالة من الاحتقان الاجتماعي، حيث يفقد الناس ثقتهم في قدرة الأحزاب السياسية على تحسين أوضاعهم.
وبالتالي، فإن فقدان المصداقية أمام الشعب يصبح من أبرز العواقب المترتبة على هذا الغياب المستمر للبرامج التنموية الحقيقية وعندما يصبح المواطنون غير قادرين على رؤية أي تغيير ملموس أو تحسن في حياتهم نتيجة للوعود الانتخابية، تتراجع الثقة في الأحزاب السياسية وتبدأ في الظهور مظاهر من السلبية واللامبالاة في المجتمع وفي بعض الأحيان، يؤدي هذا الوضع إلى تفشي اليأس، مما يفتح المجال أمام الأحزاب المتطرفة أو الحلول الشعبوية التي قد تحمل معها نتائج كارثية.
علاوة على ذلك، فإن هذا الوضع يعزز من تفاقم الأزمات بدلاً من حلها فكلما تزايدت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، زادت معها حالة من التشتت والتخبط داخل الأحزاب السياسية، التي بدلاً من أن تتعاون وتتوحد من أجل وضع حلول منطقية، تزداد تناقضاتها الداخلية وتتصاعد الخلافات حول الأولويات وطرق معالجة القضايا وهذا التشوش السياسي يؤدي إلى قرارات غير متناسقة، مما يزيد من تعقيد المشاكل بدلاً من التخفيف منها.
لذلك، يعد من الضروري أن تعيد الأحزاب السياسية النظر في استراتيجياتها وتبني خطط تنموية حقيقية مبنية على دراسة معمقة للواقع الاجتماعي والاقتصادي. يجب أن تشمل هذه الخطط سياسات طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق تحسينات مستدامة في مستويات المعيشة، من خلال التركيز على التعليم، الصحة، التنمية الاقتصادية، وتقليص الفوارق الاجتماعية كما ينبغي أن تكون هذه الخطط قابلة للتنفيذ من خلال إشراك الخبراء في مختلف المجالات، وضمان الشفافية في تنفيذ المشاريع ومتابعة نتائجها وفي النهاية، إذا استطاعت الأحزاب السياسية أن تحقق ذلك، فإنها ستكون قد استعادت مصداقيتها أمام الشعب وحققت تقدماً ملموساً نحو تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.