الحملة الدولية بعيون السيد حميد عبدالقادر عنتر: الاستراتيجية والتحديات
بقلم فواز الجنيد ابو هاشم ….
حين تكون القضية إنسانية بامتياز، ويتحول الحصار إلى وجع يومي يطال حياة ملايين، لا تعود الحملة عملاً تكميليًا، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا. من هذا الإدراك، يقود العميد حميد عبدالقادر عنتر الحملة الدولية لفك الحصار عن مطار صنعاء الدولي، حاملاً راية نضال مدني، ومسؤولية أخلاقية تتجاوز الخطابات إلى الفعل الحقيقي.
الحملة في رؤيته ليست مجرد تحركات إعلامية عابرة، بل معركة متكاملة الأبعاد، تبدأ من توعية المجتمع المحلي والدولي بحجم الكارثة الإنسانية، مرورًا بالضغط الحقوقي والسياسي، وصولًا إلى الحشد الشعبي والدبلوماسي المنظم. في كل خطوة، تبدو بصمة عنتر واضحة، فهو لا يكتفي بإدارة العمل من بعيد، بل يتقدم الصفوف، يشارك، يصرّح، وينظم الفعاليات، لتبقى القضية حية في وجدان الناس.
يرى عنتر أن كسر الحصار عن مطار صنعاء هو بداية الطريق نحو استعادة الكرامة، وهو واجهة رمزية لمعركة كبرى عنوانها الإنسان اليمني وحقه في الحياة بحرية وكرامة. ومن هذا المنطلق، تسير الحملة وفق استراتيجية دقيقة، ترتكز على تصعيد تدريجي ومدروس، يوازن بين التأثير الإعلامي، والتحرك الشعبي، والتواصل مع الجهات الدولية، دون أن تفقد هدفها الأساسي أو تتنازل عن مبدئها.
لكنّ الطريق لم يكن سهلاً. فالتحديات كثيرة ومعقدة، تبدأ من صمت المجتمع الدولي، مرورًا بتضليل إعلامي ممنهج، وصولًا إلى محاولات إفشال الحملة من قبل خصومها. ومع ذلك، ظلت الحملة ماضية بثبات، لأن إرادة من يقودها لا تتزحزح، ووعي القائمين عليها يجعلهم مدركين لكل التفاصيل والخفايا.
التنسيق الخارجي كان تحديًا آخر، لكنّه تحوّل إلى نقطة قوة. فقد نجحت الحملة في توسيع دائرتها خارج حدود اليمن، من خلال ممثليها في الخارج، ومن خلال مشاركة فاعلة في فعاليات دولية، ما أكسبها زخمًا واعترافًا أوسع.
الواقع أن ما يميز الحملة بقيادة عنتر، هو وضوح الرؤية، وحيوية الحركة، والتزامها بالبعد الإنساني قبل السياسي. ومن خلالها، عاد الحديث عن مطار صنعاء إلى الواجهة، ليس من باب المزايدات، بل من باب المعاناة الحقيقية لأمهات تنتظرن أبناءهن، ومرضى ينتظرون الأمل، وطلاب تقطعت بهم السبل.
إن التحديات باقية، وقد تشتد، لكن حضور الحملة في الوعي العام، وتحولها إلى صوت موحد لكل المتضررين، يجعلها أحد أهم المسارات المدنية الفاعلة في مواجهة الحصار، ويجعل من قائدها نموذجًا للمثابرة السياسية الوطنية في زمن الصمت المريب.
وما دام صوت العدالة ينبض، فإن الحملة مستمرة، والحق لا يموت طالما هناك من يؤمن به ويعمل لأجله.
وما يجعل هذه الحملة أكثر عمقًا وتأثيرًا هو كونها لا تُدار بعقلية المراسلات الجافة، بل بروح من يعيش المعاناة ويمشي على جمرها كل يوم. فحميد عنتر، وهو في قلب المشهد السياسي، لم يختبئ خلف المناصب، بل اختار أن يكون صدىً لنبض الناس، وأن يحمل همّ المطار كقضية تتجاوز الجغرافيا والسياسة، لتصبح قضية كرامة وطن بأكمله.
ففي كل تحرك، نلمح انحيازًا واضحًا للإنسان البسيط، للمريض الذي ينتظر تذكرة سفر للنجاة، للطالب الذي يرى أحلامه معلّقة بين قرار دولي وآخر، وللمغترب الذي صارت العودة إلى حضن الوطن حلمًا مكلفًا أو مستحيلاً. عنتر يتحدث بلغتهم، ويصيغ حملته من وجعهم، ولهذا باتت الحملة قريبة من الشارع، متغلغلة في الوعي الجمعي، لا تحتاج إلى كثير من التبرير، لأنها ببساطة تتحدث عن حقٍ واضح لا يقبل الالتفاف.
الجدير بالتقدير أن الحملة لم تنزلق إلى ردود الأفعال، بل صاغت مبادرات، ونسجت شبكة علاقات مع منظمات ومؤسسات، وخلقت مسارات عمل مختلفة، لا تكتفي برفع الشكوى، بل تقدم الحلول، وتستثمر في كل فرصة لإيصال الصوت اليمني إلى الخارج.
ووسط كل ذلك، ما تزال الحملة تواجه تعتيمًا إعلاميًا مقصودًا، لأن نجاحها يُربك الحسابات، ويكشف زيف من يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان بينما يصمتون عن واحدة من أبشع صور الحصار. إلا أن إصرار القائمين على الحملة، وإيمانهم بقدرة العمل الشعبي والدولي، يجعلها تكبر يومًا بعد آخر، ويتسع حضورها في ساحات الداخل والخارج على السواء.
الحملة الدولية، في جوهرها، ليست مشروعًا لموسم أو مبادرة طارئة، بل تحوّلت بفعل هذه القيادة الواعية إلى مسار نضالي طويل النفس، متصل بجذور المعركة الوطنية الكبرى من أجل الكرامة والسيادة. وفي هذا السياق، يمكن القول إن ما بُني بصدق لن يُهدم بسهولة، وإن ما يُدار من الميدان أقوى مما يُحاك في الكواليس.
ختامًا، الحملة الدولية لكسر الحصار عن مطار صنعاء لم تعد فقط مطلبًا إنسانيًا، بل باتت اختبارًا حقيقيًا لمدى احترام العالم لمبادئه، ولقدرة اليمنيين على انتزاع حقوقهم رغم الجراح. وبقيادة شخصية مثل حميد عنتر، تكتسب الحملة ليس فقط شرعية المطالب، بل قوة الإصرار ونُبل الهدف.
الكاتب من اليمن