بإيمان وبندقية:المقاومة الفلسطينية منارة الصمود
أسماء الجرادي …..
هناك، حيث لا تنام الأرض من القصف، ولا تهدأ السماء من اصوات الطائرات، تنبت الكرامة من بين الركام، وتُصاغ البطولة من دماء الشهداء. كانت المقاومة الفلسطينية وما زالت سيرة دمٍ لا يجف، وصوتًا لا يخفت، وراية لا تنحني.
من زنازين الأسر إلى خنادق القتال، ومن أزقة المخيمات إلى ساحات المواجهة، كتبت المقاومة تاريخها بالإيمان والقرآن والبندقية، بالدمع والصبر، بالحصار والصمود. لم تنتظر شهادة من أحد، رغم سهام الخذلان، لكنها مضت في طريقها، تقاتل لتمنح شعبها حق الحياة بكرامة، أو الموت بشرف.
منذ نشأتها، حملت المقاومة الفلسطينية على عاتقها عبء الدفاع عن الدين وعن الأرض والعرض، ودفعت من دمها ثمنًا لكل شبرٍ من وطنها ليبقى بكرامة. آلاف الشهداء، من قادتها وجنودها، ارتقوا وهم يؤدون دورهم في مواجهة المحتل ودفاعاً عن شعبها.
منذ نكبة 1948، ارتكبت إسرائيل أكثر من 100 مجزرة موثقة بحق الفلسطينيين، راح ضحيتها أكثر من 100 ألف شهيد، بينهم آلاف الأطفال والنساء⁽¹⁾. دُمّرت مئات الاف المنازل وشُرّد الملايين، بينما وقف العالم متفرجًا. ومع ذلك، حين انتفضت غزة ورفعت راية المقاومة، سارع المنافقون إلى اتهامها بأنها سبب في بطش العدو وتناسوا أن العدو لم يتوقف يومًا عن القتل، لا قبل انتفاضة الطوفان ولا بعده.
في السابع من أكتوبر، دوّى صوت الحق في وجه الطغيان. ب عملية “طوفان الأقصى” التي كانت زلزالًا استخباراتياً وعسكرياً هزّ أركان الكيان، وأربك حساباته، وكشف هشاشته.
منذ ذلك اليوم، والمقاومة تقاتل في خنادق النار، تواجه أعتى آلة عسكرية واستخباراتية في العالم، بعتاد بسيط وإيمان عظيم. عامان من القصف والحصار والتجويع، من الحرب النفسية والإعلامية، من الطعنات في الظهر، ومن حملات التشويه والافتراء، ومن خذلان القريب قبل ظلم العدو. ومع ذلك، لم تنحنِ، لم تخضع، ولم تفرّط بحق شعبها .
في الوقت الذي بقيت فيه الضفة والقدس فريسة سهلة للتوسع الاستيطاني والاقتحامات اليومية، كانت غزة تقف كالسد المنيع. وحدها المقاومة، رغم العدوان و الحصار والجراح، كانت الحامية لغزة، الحصن الأخير الذي لم يسقط. لولاها، لكانت غزة منذ زمن بين نار الاحتلال، تُدار كما تُدار الضفة، بلا مقاومة، بلا كرامة.
واجهت المقاومة كل أشكال القتل والإجرام، من السماء والبحر والبر، ببندقية بسيطة، لكنها مشبعة بالإيمان. قاتلت لتمنح أبناء شعبها خيارين: إما العيش أعزاء، أو الموت شهداء مرفوعي الرأس. لا أن يُقتلوا عراة، جوعى، مذلولين، كما أراد لهم العدو.
تخلّى الكثير،عن المقاومة لكنها بقيت وحدها السند بعد الله لوطنها وابنائه. قاومت وقاتلت وفاوضت، وأوجعت، عامًا بعد عام، وأخرجت الأسرى بالقوة. قدمت آلاف الشهداء من أبنائها، بينهم قادة الصف الأول والثاني والثالث، ولم تتوقف المسيرة. لم تُرهبها الاغتيالات، انما زادتها صلابة. لم تُغوِها المناصب، بل اختارت درب الشهادة.
المقاومة ليست حزبًا، ولا فصيلًا، ولا بندقية فقط. إنها روح شعب، وضمير أمة، ووصية شهداء. هي الجدار الأخير بيننا وبين الذل،والخنوع، بيننا وبين النسيان.
المقاومة كانت ومازالت مشروع أمة، يحرسه الإيمان، وتغذيه التضحيات.
فمن يخذلها فسيخذله الله. ومن يطعنها، فقد طعن دينه وطعن الأمة في قلبها وسيلقى جزاه عند جبار السماوات والارض.
لا تزال المقاومة تجسد الأمل الأخير لشعبٍ يرفض الذل والاستسلام فهي عقيدة راسخة، تُورث من جيل إلى جيل، وتُغذى بالإيمان وبحتمية النصر. هي العهد الذي لا يُخلف حتى يتحقق الوعد، وتشرق شمس الحرية على كل شبرٍ من ارض فلسطين.
الكاتبة من اليمن