حدد متى تقفز..*
محمود الدباس…..
في تجربة عملية.. قام علماء بوضع ضفدع في ماء على النار وصل درجة الغليان.. فما كان منه إلا ان قفز من الماء بمجرد أن أحس بحرارة الماء.. فاعادوا التجربة.. بأن وضعوه في ماء بارد على نار هادئة جدا.. فما كان منه إلا أن يعدل من درجة حرارة جسمه لتتناسب مع درجة حرارة الماء المحيط.. فكان يشعر بتناسق بين درجة حرارته وحرارة الماء.. وبقي هكذا إلى أن وصل الماء إلى درجة الغليان.. فمات الضفدع..
فبدأ العلماء بدراسة سلوك الضفدع.. ولماذا لم يقفز من الوعاء.. علما أنه كان مفتوحا من أعلى..
فتوصلوا إلى أن الضفدع استنزف كل طاقته.. لمعادلة درجة حرارة جسمه لتتوافق مع محيطه.. وظل هكذا إلى أن وصل لدرجة استنفاذ طاقته بالكلية.. فلم يستطع التأقلم مع الماء ولم يستطع أن يقفز من الوعاء..
فكانت استنتاجات العلماء.. أن الضفدع مات بسبب إصراره على أن يتوافق ويتأقلم مع محيطه.. واستنزاف كامل طاقته في ذلك.. ولم يتبقى له من طاقة للقفز من الماء الذي اصبح حارا جدا وينجو من الهلاك..
العبرة من سرد هذه القصة..
ان في حياتك الخاصة والعامة.. كثيرا ما تواجه ضغوطات.. وفي غالب الأحيان تكون مخالفة لما أنت عليه.. ولن تكون مرتاحا للبيئة التي تمارس فيها عليك هذه الضغوطات.. فما عليك الا أن تُخرِجَ نفسك من هذه البيئة.. حال شعورك بعدم الارتياح.. وحال شعورك بعدم تمكنك من تغيير الواقع.. أو انك ستبذل طاقة كبيرة لتتأقلم مع هذه الضغوطات والسلوكيات.. وستسخدم كافة مخزون طاقتك النفسية والعصبية والجسمية.. وعند وصولك مرحلة اللاعودة لفقدانك طاقتك التي ستمكنك من الهروب من هذا الواقع.. حينها ستجد انك فقدت شخصيتك.. وقد تكون فقدت آدميتك.. والكثير او كامل مبادئك..
فلا تستنزف وتهدر كامل طاقتك في محاولة التأقلم.. وحدد الوقت المناسب لتقفز وتنقذ ما تبقى من قيمتك ومبادئك وكيانك..
محمود الدباس – أبو الليث..