حين تُشكل “وكالة يقولون” الحكومة

أحمد الجارالله …….

 

لأن “وكالة يقولون” هي الأنشط في الكويت فقد كثرت الشائعات، مع بدء البحث في اختيار الوزراء الجدد، عن توزير فلان، وخروج علان من الحكومة العتيدة، غير أن كل هذا يبقى “في القدر حتى يطلعه الملاس” مع إعلان الوزارة الجديدة، لا سيما أن هذه الحكومة الرابعة لسمو الشيخ صباح الخالد الذي كُلف بأمر أميري اختيار من سيعاونونه، رغم أن هناك شريحة لا بأس بها كانت ترغب بشخص آخر يتولى رئاسة مجلس الوزراء، لكن يبقى السمع والطاعة لولي الأمر في اختياره.
ثمة شخصيات كثيرة جربت، ومنذ ثلاثة عقود يكاد بعضهم يكون مرشحا دائما، لاعتبارات عائلية، أو تجارية، أو طائفية وقبلية، رغم فشلهم الذريع في المهمات التي أُوكلت إليهم، وبالتالي كل ما يتمناه الكويتيون ألاّ تصبح الأسماء المتداولة حاليا واقعا، ففي ذلك انتكاسة للحكومة، ستنعكس عليها في المستقبل، لا سيما أن البلاد بحاجة إلى إصلاحات دستورية وقانونية تتيح ضخ الدماء الجديدة في كل مرافقها.
المطلوب وزراء اختصاص، وليس “رزة” ولا الخضوع للعبة المصالح المتبادلة، ففي كل دول العالم، لا سيما الديمقراطية منها، يجري الاختيار وفق الكفاءة، والعلم، فلا تكون هناك أي اعتبارات لقبيلة، أو طائفة، أو منطقة، أو قوة مالية وتجارية، وهو ما شدد عليه كبار رجالات الدولة، وما تسرب عن رأي أولياء الأمر لجهة رؤيتهم إلى الحكومة العتيدة، لأنه المسار الطبيعي للإصلاح.
في هذا الشأن يمكن العودة إلى ما قاله رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في الجمعية العامة لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي ، فهو وصف بشكل مباشر حال الكويت بقوله:” إن تأليه أي نظام، وإن كان نظاماً يحمل شكلا ديمقراطيا، هو أول معوقات تجديد الديمقراطية ومعالجة اختلالاتها، وفي حال وجودها علينا ألا نخاف ونحن نشير إلى ممارسة ما خاطئة، فالديمقراطية في أصلها هي وسيلة لا غاية، وهي ممارسة وليست شعارا أو رمزا”.
لا شك أن الممارسة الديمقراطية في الكويت، خصوصا في المجالين البرلماني والحكومي، انحرفت عن مسارها وتحولت أداة هدم بسبب التمسك بالشكل من دون العمل في النص الدستوري ومضمونه، وذلك أثر في سلسلة قوانين، بعضها لا يزال من دون تعديل منذ 40 أو 50 سنة، وأدى في نهاية المطاف إلى العجز عن حل المشكلات، الإسكانية، والاقتصادية، وتطوير الصناعة، والأمن الغذائي، والنظام المصرفي، وتحسين التصنيف الائتماني السيادي، وحرية الرأي والتعبير والصحة والبنية التحتية.
ولإصلاح تلك الاختلالات لا بد من علاقة صحية بين السلطتين، وكل هذا يحتاج تعديل الدستور لتصويب الخلل، وإصلاح العلاقة بين السلطات كافة، أما تجاهل ذلك والعودة إلى المربع الأول في المماحكات بين الحكومة والمجلس، والسعي إلى تحصين الذات من المساءلة البرلمانية، وخوض النواب معاركهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وعقد الصفقات في ليل، فهذا سيزيد من تفاقم الأزمة، وسيصم مجلس الوزراء الرابع لسمو الشيخ صباح الخالد بالفشل، فهل سيقبل ذلك على نفسه؟

[email protected]

قد يعجبك ايضا