صحيفة عبرية.. حمل استقالة قرداحي وانطلق إلى السعودية: دبلوماسية ماكرون والربح الإسرائيلي
على إسرائيل أن تكون متشجعة من النشاط الدبلوماسي الذي يقوم به الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إزاء المسألة اللبنانية. فهدفه النهائي هو العمل على إضعاف “حزب الله”، بل وربما اختفائه كجهة سائدة، والسماح بإدخال بعض الاستقرار لدولة الأرز. لهذا الغرض جند ماكرون السعودية، وليس صدفة أنها هي بالذات. إن الادعاءات القاسية لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي ضد السعودية واتهامها بالعدوان في اليمن أثرت كثيراً على رجال المملكة، والخطوات التي اتخذها السعوديون كانت قطع كامل للعلاقات. منذ البداية، كانت للسعودية علاقات حميمة مع لبنان، ولا سيما مع عائلة الحريري. نفوذ الرياض كان واضحاً، إلى أن دخلت إيران إلى الصورة واحتلت الصدارة. في السنوات الأخيرة، ملت السعودية من لبنان وقررت معاقبة بيروت. ترى السعودية في “حزب الله” السبب الحصري لمشاكل لبنان، وفي الوقت نفسه، ترى في زعماء الدولة، ولا سيما رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، من لا يعملون كافياً ضد منظمة الإرهاب، ويسمحون لها بإثبات سيطرتها أكثر فأكثر في لبنان لدرجة السيطرة على الدولة.
شخّص ماكرون الفرصة، وضغط على الوزير قرداحي للاستقالة. مزوداً بكتاب الاستقالة، خرج ماكرون إلى السعودية في زيارة خاطفة، وأقنع ولي العهد السعودي باستئناف اهتمامه بلبنان. ولكن، مع أسف الرئيس الفرنسي، ظهرت فجوة في مواقف الأطراف. يتطلع ماكرون لحل جذري وللمدى البعيد وللمبنى السلطوي الطائفي في لبنان. بينما يبحث ولي العهد السعودي عن حل سريع وفوري دون صدمات، أو بتعبير آخر مواصلة الوضع الحالي مع “حزب الله” ضعيف جداً.
تحت شعار ضرورة الإصلاحات، تريد السعودية عملياً أن تقلص، بل وربما تنزع السلاح الذي لدى “حزب الله”. في نظرها، الجيش اللبناني وحده هو ما يسمح له بحمل السلاح. عندما وقّع اتفاق الطائف السعودي في 1989، الذي وضع حداً للحرب الأهلية التي استمرت 15 سنة، وافق السعوديون على أن يبقي “حزب الله” على سلاحه، بينما ينزع سلاح كل باقي الميليشيات. وكان السبب في حينه مقاومة إسرائيل، وكانت هناك حاجة لأن يحمي سلاح “حزب الله” لبنان الذي كان يلعق جراحه.
منذئذ، تدفقت مياه كثيرة في النهر. الوضع في الشرق الأوسط تغير. وفي الأفق إمكانية عملية لعلاقات مباشرة بين إسرائيل والسعودية، وعليه فإن الرياض تطالب بنزع سلاح “حزب الله”. المهمة صعبة، لأن “حزب الله” يلعب أيضاً في ملاعب هي خارج لبنان كوكيل لإيران. إذا ما جرى بحث جماهيري في تطلع الرئيس الفرنسي، المعني بطرح هذا الموضوع الحساس، أو إذا ما عقد مؤتمر دولي يلزم كل الأطراف، كما يقترح رئيس الكنيسة المسيحية في لبنان – فإن الأمر سيخلق زخماً إذا استغل جيداً، وقد يفاجئنا.
إذا بدأت الجهود السعودية – الفرنسية تتجسد، فعلى إسرائيل أن تمنح كتفا دافئة لنجاحها من خلف الكواليس.
بقلم: إسحق ليفانون
إسرائيل اليوم 9/12/2021