صناع فيلم “أميرة” يرضخون للحملة المناهضة ويقررون وقف العرض
وهج 24 : أثرت الحملة الكبيرة التي شارك فيها فلسطينيون وأردنيون وجهات رسمية، على صناع فيلم “أميرة”، المسيء للأسرى الفلسطينيين وعوائلهم، ودفعت بمخرج العمل السينمائي الذي كان يستعد للمشاركة في مهرجان “الأوسكار” للإعلان عن وقف عرض هذا العمل، في وقت دعت فيه هيئة علماء المسلمين في فلسطين، المشاركين في هذا العمل بـ “التوبة”.
أسرة الفيلم تدافع
ونشر المخرج محمد دياب بيانا بسم أسرة فيلم “أميرة”، جاء فيه “منذ بداية عرض الفيلم في سبتمبر 2021 في مهرجان فينيسيا، والذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج و شاهده الآلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي و انساني وينتقد الاحتلال بوضوح”.
وأشار إلى أنه كان من المفهوم تماماً لأسرة الفيلم “حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية”، وتابع ” لهذا كان القرار التصريح بأن قصة الفيلم خيالية و لا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة، تقول “منذ 2012 ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف، كل الأطفال تم التأكد من نسبهم. طرق التهريب تظل غامضة”.
وزعم أن أسرة الفيلم لم تترك الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن “الفيلم خيالي” وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في 2012.
وأشار إلى أن الفيلم يتناول معاناة و بطولات الأسرى و أسرهم و يظهر معدن الشخصية الفلسطينية التي دوماً ما تجد طريقة للمقاومة و الاستمرار، و يحاول أن يغوص بعمق في أهمية أطفال الحرية بالنسبة للفلسطينيين.
ورأى أن اختيار الحبكة الدرامية الخاصة بتغيير النطف جاء ليطرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الإنسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر، وزعم أن “الفيلم مرة أخرى ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة”، وقال “الفيلم يشجب و يدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم”.
وأضاف “الحديث فقط عن هذه الحبكة الخيالية خارج سياق الفيلم الذي ينحاز للسردية الوطنية الفلسطينية، هو اقتطاع منقوص و يرسم صورة عكسية غير معبرة عن الفيلم”، لافتا إلى أن هذا العمل بطولة كوكبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين المشهود لهم بالوطنية، ولهم تاريخ طويل في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونقلها للعالم، وقال “دافعهم الوحيد للاشتراك في الفيلم هو إيمانهم بأهمية رسالة الفيلم الذي هو في النهاية رؤية و مسؤولية مخرجه”.
وقف العرض
وعبر عن تفهم أسرة الفيلم لحالة الغضب الذي اعترى الكثيرين على ما يظنونه إساءة للأسرى و ذويهم، وقال “هو غضب وطني نتفهمه و لكن كنا نتمنى أن تتم مشاهدة الفيلم قبل الحكم عليه نقلاً أو اجتزائاً”، وأضاف أخيراً فإن الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى و ذويهم و الذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم”.
وفي نهاية البيان، أعلن صناع الفيلم عن وقف أي عروض للفيلم، وطالب بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته، وأضاف مدافعا عما قدمه العمل “نحن مؤمنين بنقاء ما قدمناه في فيلم أميرة، دون أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية”.
وجاء ذلك في أعقاب حملة شعبية ورسمية واسعة جابهت هذا الفيلم المسيء للأسرى، يلم والذي يتناول عملية تهريب “النطف” من داخل السجون، لتصل لزوجات الأسرى، وتدور أحداثه في قالب مغاير للحقيقة، ما اعتبر أنه خدمة للاحتلال، من خلال اكتشاف أن والد طفلة أنجبت عن طريق “النطف المهربة” خلال أسره، عقيم، وأن تلك النطفة كانت تعود لضابط إسرائيلي.
وقد مثلت أحداث الفيلم إساءة كبيرة للفلسطينيين وعوائل الأسرى التي أنجبت أطفالا من “النطف المهربة”، حيث زاد عدد هؤلاء الأطفال قبل أيام قليلة عن الـ 100 طفل، بعد أن أنجبت سيدة من قطاع غزة توأمين من الذكور، بعدما عمل الفيلم على التشكيك في نسب الأطفال.
ولاقى الفيلم انتقادات حادة من مؤسسات الأسرى، ووجهت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية “جهة رسمية” طلبا للأردن من أجل منع عرضه وسحب مشاركته في “الأوسكار”.
دعوتهم للتوبة
وفي السياق، استنكرت رابطة علماء فلسطين هذا العمل، المسيء للأسرى، في سجون الاحتلال وكما نددت بعملية عرضه الفيلم عبر وسائل الإعلام المتعددة، والمهرجانات المتنوعة، وتقديمه لتمثيل دولة الأردن في ترشيحات الأوسكار العالمية.
وحملت في ذات الوقت نقابتي الفنانين الأردنية والمصرية وذوي الاختصاص عن إخراج فيلم “أميرة” المسؤولية الكاملة للإساءة للأسرى الفلسطينيين، وطالبتهم بالعدول عن هذا العمل الخبيث، وسحب هذا الفيلم المسيء، كما طالبتهم بالتركيز على نضالات الأسرى ومناصرة القضية الفلسطينية.
كذلك دعت إلى معاقبة جميع من شارك في هذا الفيلم من منتجين ومخرجين وممثلين ومسوقين، وطالبت فئات المجتمع الفلسطيني ومؤسساته كافة وأحرار العالم وعلمائه ودعاته لـ “العمل الحثيث لمواجهة هذا الفيلم وما يروجه من إساءة لأشرف قضية إنسانية في العالم:.
ودعت جميع من شارك في ما وصفتها بـ “الجريمة” إلى “إعلان التوبة والاعتذار العلني للأسرى الفلسطينيين وعوائلهم”، وختمت بيانها بالقول “إن معركتنا مستمرة مع هذا العدو الصهيوني ونؤكد أن معركتنا لا تؤثر بها هوامش عابرة، فكما قهرنا العدو في الميدان وانتصرنا عليه وراء القضبان، سننتصر في معركة حرية “النطف المقدسة” إلى حين حريتنا الكبيرة”.
كما وانتقد مسؤول ملف الأسرى في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور جميل عليان، بشدة إنتاج فيلم “أميرة”، ووصف الفيلم وفريقه بـ “الجاهل لعظمة ووعي وانتصارات الحركة الأسيرة التي مرغت أنف العدو في التراب”، وقال القيادي في الجهاد “إن الفيلم لم يلتفت إلى المحطات الكبيرة في تاريخ الحركة الأسيرة الناصع وانتصاراتها الكثيرة والتي كان آخرها عملية نفق جلبوع”، لافتا إلى أنه تنكر لمعاناة الأسرى نتيجة الأمراض وسياسات الإهمال الطبي الذي تسبب ولا يزال في إعدام بطيء للأسرى المرضى على مدار اللحظة.
ودان عرض الفيلم الذي وصفه بـ”الوقح”، كونه يحمل إساءات خطيرة للحركة الأسيرة وللشعب الفلسطيني، وقال “أصحاب الفيلم لن ينالهم سوى بصقات شعوب الأمة في وجوههم ولعنة التاريخ و سقوطهم الأخلاقي”، مطالبا بوقف وإلغاء هذا الفيلم وتقديم كل من شارك فيه إلى التحقيق، وطالب الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بوقف عرض الفيلم وسحبه.
وقال “إن من يحاولون تشويه نضال الأسرى هم مجرمون يخدمون العدو ويعملون على هدم أهم المعالم المشرقة في تاريخ الأمة لخدمة عدوها في مكان فشل هو فيه لعشرات السنين”.
المصدر : القدس العربي