العلاقات بين فتح وحماس تتأزم في الساحة اللبنانية.. ووساطة فلسطينية ولبنانية لتطويق الأحداث الميدانية

وهج 24 : تتجه الأمور الميدانية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى مزيد من التوتر والتأزم، بين حركتي فتح وحماس، على خلفية أحداث مخيم “البرج الشمالي”، والتي أدت إلى مقتل عدد من أنصار حماس، في حال لم تتمكن الاتصالات التي يقوم بها مسؤولون من تنظيمات أخرى، وجهات لبنانية رسمية وحزبية، من التوصل إلى صيغة لحل الخلاف.

قطع علاقات 

ومع استمرار التوتر القائم، على خلفية إطلاق النار الذي وقع خلال جنازة ناشط من حماس، قضى قبل أيام في انفجار وقع في المخيم، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى جدد، قررت حركة حماس عدم التعامل مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني، التي تنشط في المخيمات، كما جمدت عضويتها في القوة الأمنية في المخيمات، فيما قامت حركة فتح باتخاذ قرار بوقف كل أشكال الاتصال والعلاقة مع حماس.

وأعلن ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، أن حركته جمدت عضويتها في القوة الأمنية في المخيمات بعد ما حصل في مخيم برج الشمالي، نافيا أن تكون قد انسحبت من هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، لكنه في ذات الوقت أعلن أيضا أن الحركة لن تتعامل مع الأمن الوطني الفلسطيني.

ولم يمض وقت على قرار حركة حماس هذا، لتعلن حركة فتح التي تقود فصائل منظمة التحرير، وتقود أيضا قوات الأمن الوطني في لبنان، لاتخاذ قرار اشتمل على وقف كل أشكال التواصل والاتصال مع حركة حماس، على كافة المستويات وفي كل المناطق في الساحة اللبنانية، وأعلنت حرصها في بيان صدر عن قيادتها في لبنان، على كشف الحقيقة كاملة، وذلك من أجل “حقن دماء الشهداء من أبناء شعبنا وأهلنا بكل إباء وإخلاص”.

وقد يفجر الخلاف بين الحركتين اللتين لهما امتداد وتواجد في الساحة اللبنانية كما الفلسطينية، الأوضاع بشكل خطير في المخيمات هناك.

جهود وساطة 

وحاليا تجرى حسب ما علمت “القدس العربي”، وساطات بتدخل من مسؤولين كبار في التنظيمات الفلسطينية، وأخرى يقوم بها ممثلون عن أحزاب لبنانية، من أجل تجاوز الحادث، بشكل يمنع التصعيد خشية من اشتباكات جديدة تنفجر في المخيمات الفلسطينية في لبنان.

وفي هذا الوقت يدور الحديث حول نزع فتيل المشكلة، من خلال فتح تحقيق محايد، حيث قبلت حركة فتح والأمن الوطني، أن يحال الملف إلى الجهات القضائية اللبنانية المختصة، وبموجب الاتفاق الحاصل، سيتم إحالة الأشخاص الذين يتم طلبهم من الجهات الرسمية اللبنانية للتحقيق.

وهنا أيضا يجري العمل من قبل الوسطاء، بعد قرارات الحركتين الأخيرتين بقطع الاتصالات بينهم، على إلغاء هذا القرار، وعقد لقاء قريب بين فتح وحماس، بحضور رسمي لبناني عالي المستوى، للاتفاق على آلية يوافق عليها الجميع، لإزالة هذا التوتر.

وقد وصلت للأطراف الفلسطينية، خلال الأيام الماضية، وتحديدا منذ لحظة وقوع حادثة التشييع، عدة رسائل لبنانية رسمية، تشدد على ضرورة عدم انزلاق الأمور إلى مزيد من الخلاف، فيما وجهت دعوات لقيادة الحركتين “اللجنة المركزية لفتح” و “المكتب السياسي لحماس”، من أجل تجاوز ما حصل، بأسرع وقت ممكن.

هذا ولا يعني قرار فتح وحماس قطع اتصالاتهم في لبنان، قطع تلك الاتصالات التي تجرى بالعادة بين قيادات مركزية من الحركتين، ما يعني أنه بالإمكان عقد لقاءات أو اتصالات في الخارج، خاصة وأن عزام الأحمد، المشرف على ملف العلاقات الوطنية في حركة فتح، هو من يشرف على إدارة ساحة لبنان.

وفي تعقيبه على تلك الأحداث، قال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية “نتعامل بمسؤولية عالية مع تلك الأحداث لقطع الطريق على تفخيخ المخيمات أو تفجير ساحة المخيمات الممتدة إلى لبنان الشقيق، ونحن متعاونون مع السلطات اللبنانية من أجل تسليم الجناة إلى الدولة اللبنانية”.

ولا يريد الفلسطينيون أن تشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان، تلك الأحداث الدامية التي شهدتها المناطق الفلسطينية في العام 2007، والتي أسست إلى الانقسام السياسي الذي لا يزال قائما.

اتهامات متبادلة 

وكانت حركة حماس حملت قوات الأمن الوطني الفلسطيني، المسؤولية المباشرة عما وصفتها بـ “جريمة القتل والاغتيال المتعمد”، وحملت قيادة السلطة في رام الله وأجهزتها الأمنية في لبنان المسؤولية الكاملة عما حدث خلال التشييع.

ودعت إلى تسليم الفاعلين للسلطات اللبنانية، وإحالتهم للعدالة، و”كل من له علاقة بالمجزرة”، ودعت أجهزة الأمن اللبنانية إلى ملاحقة الفاعلين، “ووقف التعاون مع جهاز يرتكب مثل هذه المجزرة”، وكانت تقصد الأمن الوطني.

وفي إطار العمل على تهدئة الأوضاع، كان اللواء صحبي أبو عرب، قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، قال إنه تم تسليم أحد الأشخاص المشتبه بهم للدولة اللبنانية، مؤكدا جهوزيتهم لتسليم أي شخص تطلبه الدولة.

كما أصدرت قيادة الأمن الوطني بيانا، أكدت فيه حرصها على أمن واستقرار المخيمات، والحفاظ عليه من العابثين، ودعت لـ “تفويت الفرصة على المتربصين بشعبنا وقضيتنا”.

وأشارت إلى أنه أثناء التشييع كانت قيادة حركة فتح وقيادة قوات الأمن الوطني الفلسطيني أول المشاركين، عدا عن انتشار عناصرها لتأمين سير مرور التشييع لـ “عدم استغلال أي طرف لهذا الحدث المؤلم”، واتهمت قيادة الأمن الوطني حركة حماس باللجوء إلى “التحريض والتخوين والتشكيك بالطرف الآخر ورمي الاتهامات العشوائية من خلال شبكاتها الإعلامية المفبركة”.

وحذرت من  أن “التحريض” يقحم المخيمات الفلسطينية في “مالا لا يحمد عقباه” وأكدت أن قوات الأمن الوطني “هي الأحرص على مخيماتنا وأثبتت جهوزيتها وقدرتها على ذلك في العديد من المراحل والمشاريع المشبوهة”، وقالت “بناء عليه نترك مجريات ما حصل في مخيم البرج الشمالي في عهدة الأجهزة الأمنية اللبنانية التي باشرت في اللحظات الأولى بمتابعة هذا الملف الأمني”، وتابعت “لن يثنينا كل التصريحات والأقلام الصفراء عن القيام بدورنا في الحفاظ على شعبنا ومخيماتنا، ولن نسمح بجر المخيمات وللعابثين أن يمروا، لأن وجودنا هو التزامنا تجاه شعبنا وهذا واجب وطني لن نتخلى عنه”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا