مشهد شجار البرلمان الأردني كاد يتكرّر في “الكنيست”.. سجال بالعربية وسخط يهودي

الشرق الأوسط نيوز : كاد مشهد الشجار داخل البرلماني الأردني في الأسبوع المنصرم في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أن يتكررّ، وذلك حينما تبادلت أوساط من الائتلاف والمعارضة الصراخ وتبادل الاتهامات والشتائم بفور المصادقة على مشروع قانون لربط البيوت العربية بالكهرباء قدمه نائب عربي. وبلغ المشهد الدرامي ذروته بإقدام رئيس حكومة الاحتلال بشكل غير مسبوق على النزول من منصة الكنيست، والذهاب لمقاعد المعارضة منضما لبعض زملائه في حزبه “يمينا” ممن تعرضوا لصرخات نواب المعارضة وشتائمهم، ومحاولة تقزيمهم والسخرية منهم بالقول إنهم باعوا قيمهم من أجل مقاعد وثيرة، وأن رئيس الحكومة الحقيقي هو النائب الإسلامي منصور عباس.

 وقال عدد من المراقبين المحليين إن صورة الكنيست مخزية وتبدو وكأنها مأخوذة من السوق، لكن الفضيحة الحقيقية تتمثل بحرمان عشرات آلاف البيوت العربية من الحق الأساسي الطبيعي وهو التيار الكهربائي، وكل ذلك بسبب السياسات العنصرية المنتهجة من قبل إسرائيل مذ قامت ضد المواطنين العرب الفلسطينيين فيها. وكما هو الحال في الشهور الستة الأخيرة لم يقتصر النزاع الساخن في الكنيست على المعارضة والائتلاف وعلى النواب اليهود فحسب، فقد استمرت المواجهة أيضا بين نواب القائمة المشتركة المعارضة برئاسة النائب أيمن عودة وبين القائمة العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس، وهي جزء من الائتلاف الإسرائيلي الحاكم بشكل غير مسبوق منذ النكبة وقيام إسرائيل عام 1948.

 الخلاف الساخن بين النواب العرب من القائمتين اللتين كانتا في العام الماضي داخل سفينة واحدة (القائمة المشتركة) قبل انشقاق الموحدة اتسم أمس بمسحة سوريالية لافتة عندما ترأس جلسة الكنيست منصور عباس فيما كان النائب أحمد الطيبي وزميلته النائب عايدة توما والنائب أسامة السعدي(المشتركة) قد اعتلوا منصة الخطابة وتناقشوا نقاشا مشحونا ساخنا وساخرا أحيانا وباللغة العربية. ويأتي الانتقال للجدل بالعربية بدلا من العبرية تعبيرا عن المعركة على الراوية والوعي بين القائمتين العربيتين المتنافستين على جمهور الهدف وعلى المكانة والشعبية في صفوف فلسطينيي الداخل (19%).

مشهد سوريالي

وأثار مشهد النواب العرب وهم يديرون الجلسة ويتناقشون داخل البرلمان الإسرائيلي باللغة العربية سخط نواب من المعارضة، وذهب النائب عن “الليكود” دافيد امسالم إن النواب العرب سيطروا على الكنيست وداسوا على الهوية اليهودية للدولة من خلال إدارة الجلسة والنقاش بالعربية، بينما كان عدد من النواب اليهود يستمعون وبعضهم فقط يجيد لغة الضاد. وهناك من اعتبر هذا المشهد دليلا على إمكانية تخفيف الطابع اليهودي للدولة والنيل من رموزها بطريقة ناعمة وهناك من اعتبر كل المشهد السياسي هذا نجاحا لإسرائيل في دمج الفلسطينيين فيها ضمن نظامها السياسي وداخل لعبتها البرلمانية، ولذا كانت هناك جهات إسرائيلية قد اعتبرت أن صورة الكنيست هذه هي بمثابة “وسام شرف” للديموقراطية الإسرائيلية التي تتيح مثل هذا المشهد العربي كما قالت الصحفية الإسرائيلية البارزة دكتورة ايلانة ديان منوهة أيضا أن هذا الأمر ينبغي أن يكون طبيعيا بصفته استحقاقا ديموقراطيا خاصة أن العربية من لغات هذه البلاد”.

ويبدو أن الصورة البرلمانية العربية داخل الكنيست تعكس المعنيين المتصارعين منذ انتخب الكنيست الأول عام 1949 وشارك فيه نواب عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي وبعض النواب عن قوائم “عربية” ملحة للحزب الصهيوني الحاكم “مباي”. واليوم هناك 15 نائبا عربيا في الكنيست عشرة منهم عن المشتركة (6) والموحدة (4) والبقية ينتمون لأحزاب صهيونية منهم سيدتان ابتسام مراعنة (العمل) وغيداء ريناوي زعبي(ميرتس). وطالما ادعى المؤيدون لمشاركة المواطنين العرب الفلسطينيين في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية أن هذا ضروري للتمثيل السياسي واستغلال الكنيست منصة للاحتجاج وفضح التمييز العنصري الإسرائيلي ورفع صوت الظلم وكذلك من أجل التأثير سعيا نحو المواطنة المتساوية. وفي المقابل يؤكد المعارضون ومنهم الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح المحظورة من قبل إسرائيل منذ 2015 وحركة “أبناء البلد” أن التمثيل العربي في برلمان إسرائيل هدية دعائية لها وباقة ورد على طاولتها تستغله لتبييض صفحتها في العالم وللمفاخرة بـ ديموقراطيتها.

وعلى خلفية كل ذلك شهدت منتديات التواصل الاجتماعي العبرية والعربية في الداخل حراكا واسعا بين من اعتبر المشهد غريبا وخطيرا يهدد بسرقة العرب لرموز الدولة وبين ردود ساخرة وهزلية استحضر بعضها مقاطع من مسرحية دريد لحام “كاسك يا وطن” وفيه يقول “غوار” إن الكهرباء وصلت قفاه قبل أن تصل لـ ضيعتنا”.

وصلت الكهرباء

صادقت الهيئة العامة البرلمان الإسرائيلي(الكنيست) أمس بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون ربط البيوت غير المرخصة بالكهرباء، والذي تقدّم به رئيس كتلة القائمة العربية الموحدة ورئيس لجنة الداخلية النائب وليد طه، بهدف ربط عشرات آلاف البيوت العربية غير المرخصة داخل أراضي 48 بالكهرباء. وجاء هذا القانون الذي يثير خلافات حول أهميته بين القائمتين المشتركة والموحدة على خلفية وجود نحو 60 ألف بيت عربي محروم من التيار الكهرباء بـ دعوى أن البيوت غير مرخصة وفي المقابل يؤكد أصحاب هذه المنازل والقادة السياسيون أن مواطنين عرب كثر في إسرائيل يضطرون للبناء غير المرخص بسبب تسييس قضايا التخطيط والبناء بدليل أن البلدات العربية تعاني من عدم توسيع مسطحات البناء ضمن سياسات حشرها ومنع تمدّدها وازدياد تعدادها بخلاف البلدات والمستوطنات اليهودية. ويضاف على ذلك وجود نحو 40 قرية عربية بدوية في صحراء النقب مسلوبة الاعتراف، وهي محرومة من كافة الخدمات الأساسية من الماء إلى الكهرباء، وذلك في إطار الصراع الدائر هناك على ما تبقى من أرض بيد العرب والمندرج في إطار “التطهير العرقي” الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية كما يؤكد باحثون وسياسيون إسرائيليون أيضا.

شروط صعبة

وبحسب القانون الجديد يحق لكل مواطن بنى بيته لغاية عام 2018 بدون ترخيص، أن يربطه بالكهرباء إذا توافرت ثلاثة شروط أساسية الأول: أن يكون للبلدة مخطط شمولي مصادق عليه علمًا أن غالبية البلدات العربية فيها مخططات شمولية مصادقة، والبقية في طور المصادقة، والثاني: أن يتم تقديم خارطة مفصلة للجان التنظيم والبناء للحي الذي بني فيه البيت، فقط تقديم خارطة وليس المصادقة عليها والثالث: تقديم كفالة بنكية مساوية لما يدفعه صاحب البيت المرخّص. وفي تعقيبه على إقرار القانون قال النائب وليد طه” نهنئ عشرات الآلاف من أهلنا في المجتمع العربي الذين سيسمح هذا القانون لهم بربط بيوتهم غير المرخصة بالكهرباء، لأن غالبية هذه البيوت ينطبق عليها القانون، وليس كما يدّعي البعض بأنه لن يوفّر الحلول سوى لعدد قليل من البيوت العربية، في محاولة للتقليل من شأن وأهمية هذا القانون الذي قدمته الموحدة”. واعتبر طه القانون الجديد ليس فقط سيساهم بربط البيوت العربية بالكهرباء، وإنما سيساهم أيضًا في تسريع ترخيص هذه البيوت وإنقاذها من شبح الهدم والغرامات الباهظة، كما سيساهم في تسريع تخطيط الأحياء في البلدات العربية. وربما يخدم هذا القانون بضع مئات من البيوت العربية، ولكن وبصرف النظر عن الناحية المبدئية بالدخول بالائتلاف الإسرائيلي الحاكم من عدمه، يرى مراقبون محليون أن “الموحدة” كان بمقدورها تشريع قانون أفضل أقل كلفة وبيروقراطية وأقل تقييدات خاصة أنها تعتبر نفسها “بيضة القبان” وبدونها تسقط الحكومة الإسرائيلية.

في المقابل أكد بيان مشترك للحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة أن امتناع نوابهما في القائمة المشتركة، في التصويت على قانون الكهرباء جاء من منطلق أن القانون سيء، وفيه شروط تعجيزية، وسيكشف تطبيقه على الأرض، أن فقط قلة قليلة ستكون قادرة على تلبية شروطه، من أصل الذين يسري عليهم القانون، وهم أصلا قلة وكل هذا بتواطؤ القائمة الموحدة، التي قايضت هذا القانون الذي خضع لإملاءات اليمين الاستيطاني، بقوانين استيطانية وعسكرية خطيرة. وجاء في البيان أن هيئات الجبهة والحزب الشيوعي قد أجرتا أبحاثا معمّقة في كل واحدة من مراحل التصويت على القانون، وتوصلت الى قناعة استنادا للصيغة النهائية، بأن القانون يسري على نسبة ضئيلة من البيوت المحرومة من الربط بالتيار الكهرباء، وأنه فقط قلة من ذوي الإمكانيات المادية، سيكون بمقدورهم الارتباط بالتيار الكهرباء.

موضحا أن القانون يفرض على كل من يريد الارتباط بتيار الكهرباء، إن كان من خلال رسوم مباشرة، وكفالات بنكية باهظة، ما بين 100 ألف إلى 200 ألف شيكل، بحسب ما أكدت وزيرة الداخلية شكيد. واعتبرت الجبهة أن ذلك يعني أن القانون يحرم عشرات آلاف البيوت، وخاصة في النقب، من التيار الكهربائي، في حين أن فقط قلة من البيوت التي يسري عليها القانون سيكون بمقدورها تلبية الشروط المالية التعجيزية، والارتباط بالتيار. ونوه البيان أنه قد وردت في هذا القانون صيغة غير مسبوقة في كتاب القوانين الإسرائيلي، إذ جاء أن صلاحية المصادقة على كل طلب هي من صلاحية وزير الداخلية، بمعنى الوزيرة أييليت شكيد، ثم تأتي العبارة غير المسبوقة: “أن الوزيرة ستصادق على الطلبات بالقطّارة”، بمعنى أنها ستقف حاجزا أمام طلبات كثيرة في حال وُجدت. وتابع بيان الجبهة والحزب الشيوعي “ولا تكتفي “الموحدة” بهذا التواطؤ المخزي، بل أن نوابها الأربعة صوتوا ضد اقتراح المشتركة خلال التصويت اليوم، لربط القرى العربية محرومة الاعتراف في النقب، كما عارضوا اقتراح المشتركة بنزع صلاحية وزيرة الداخلية، بكونها المقرر النهائي على كل طلب”.

الجوهر الأساس للقضية

ويؤكد الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، أنه في الجدل حول قانون الكهرباء، غاب الأمر الجوهري الأساس، وهو الحق الطبيعي بتوسيع مناطق نفوذ البلدات العربية، بشكل يلائم احتياجات العصر، من بناء سكني ومرافق ضرورية، ومناطق صناعية وعمل، لأن 95% من البيوت التي بنيت من دون ترخيص، بنيت اضطرارا على أراضي أصحابها، الذين صرفوا مئات الآلاف من جيوبهم كي يحققوا الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية، الحق في المسكن. ويدين الحزب الشيوعي والجبهة، نهج نواب الحركة الإسلامية الجنوبية، في كتلة “الموحدة”، إذ أن الكتلة قايضت حكومتها العنصرية المتطرفة، ووزيرة الداخلية أييليت شكيد، بهذا القانون وبشروطه التعجيزية، بقوانين استيطانية وعسكرية، مثل قانون توسيع وتطوير مستوطنة حريش، الجاثمة على أراضي منطقة المثلث الشمالي- وادي عارة. وقانون فرض التجنيد الالزامي على شبان اليهود الحريديم في الجيش، عدا القوانين التي سبق وصادقت عليها الموحدة، دون خجل”. كما قال البيان إن الموحدة أيدت تمديد سريان قانون تجنيد جنود الجيش لقمع الاسرى في السجون، وتمديد سريان تجنيد جنود الجيش لمساعدة الشرطة في قمع مظاهرات الجماهير العربية، وأيدت بالقراءة الأولى قانون تفتيش البيوت من دون قرار محكمة، ويتم تجهيزه للقراءة النهائية، وأيدت مشروع قانون زيادة ميزانية تخليد ذكرى دافيد بن غريون، قائد مجازر النكبة، وواضع كل أسس السياسات العنصرية، وقبل كل هذا، تأييد قانون الحرمان من لم الشمل”. ويؤكد الحزب والجبهة، التصاقهما بمصالح الناس، والتمسك بأساس وجوهر سياسات التمييز العنصري، وفي الفترة المقبلة، سيدخل قانون الكهرباء المشوّه والمجحف، الى حيز التنفيذ، وقد نسمع عن مئات البيوت قد استفادت، ونبارك لها، ولكن مقابلها عشرات آلاف البيوت العربية ستستمر في حرمانها من التيار الكهربائي”.

الثغرات والامتحان في التطبيق على الأرض

في المقابل أصدرت الحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي بيانا قالت فيه ان نائبيها احمد الطيبي واسامة سعدي صوتا مع قانون الكهرباء وذلك رغم الثغرات والتقييدات التي فرضتها وزيرة الداخلية اييلت شاكيد. وقالت في بيانها “تقدمنا بتحفظات حول ربط البيوت العربية في القرى منزوعة الاعتراف في النقب وحول ايداع كفالة بنكية على كامل الرسوم والضرائب قبل ربط البيت وحول صلاحيات وزيرة الداخلية شاكيد إلا أن الائتلاف وتحديدا القائمة العربية الموحدة صوتوا ضد هذه التحفظات التي تعالج الثغرات والسلبيات في القانون. ولكن ورغم هده السلبيات وافشال “الموحدة” لقانون سابق لـ النائب احمد الطيبي لربط البيوت في الكهرباء قررت القائمة العربية للتغيير أن تصوّت مع القانون رغم كل انتقاداتها وتحفظاتها على القانون لانه يخدم جزء من البيوت مؤكدة ان المهم ليس فقط تمرير القانون وانما التطبيق على الأرض. وحول التطبيق فهو يتعلق اساسا بنوايا وزيرة الداخلية ايليت شاكيد التي ستعرقل ما تبقى من القانون طبقا لنص القانون وورقة السياسات المرافقة له”. كما قالت “العربية للتغيير” إنها تأمل أن يتم ربط بيوت عربية كثيرة رغم انف شاكيد وإنها سوف تستمر بالعمل على تقديم قانونها للتصويت في الوقت المناسب لأنه القانون الأفضل والأشمل بعيدا عن شاكيد وشروطها التعجيزية ويعطي حلولًا لغالبية البيوت واما بيوت النقب في البلدات منزوعة الاعتراف وحي دهمش  داخل مدينة اللد وسائر الاحياء المتضررة في بلدات عربية في الجليل والمثلث والمدن الساحلية التي لن يشملها القانون الحالي وتابعت “نحن ملزمون في العربية للتغيير والقائمة المشتركة بالاستمرار للعمل على ربطها ورفع الظلم عنها”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا