هكذا بات اليسار الإسرائيلي حبيس شعار “لا لنتنياهو”

بقلمنوحاما دويك ….

 

ينتخب حزب العمل من سيقف على رأسه في الانتخابات القادمة، وهذه فرصة للبحث في مسألة “الفيل الذي في الغرفة” – النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، الذي دحر في صالح “كله إلا بيبي”.

مثل علكة فقدت طعمها، هكذا تآكل هذا الشعار بوتيرة سريعة، وخصوصاً الشعار الذي وحد مصوتي الوسط – اليسار وأجزاء من اليمين المعتدل في الانتخابات السابقة، وفقد من قوته. ليس لأنهم لا يؤمنون بأنه يجب أن تُمنع عن نتنياهو ولاية أخرى، بل لأن التركيز على ذلك سطح الخطاب؛ ودحر مواضيع مهمة عن جدول الأعمال السياسي؛ وجعل كومة الأحزاب التي على يسار الليكود جملة أحزاب تصرخ “لا، لا”. لا يتحدث أي منها عن مواقف، أو قيم، أو آراء، أو برنامج سياسي. تنشد بجوقة واحدة. وكما هو معروف، لا أحد يحب الرافض المطلق.

لقد سقط الموضوع الفلسطيني ضحية لنزعة مناهضة بيبي. تحولوا من وضع كان فيه زعماء الوسط – اليسار يقلبون كل حجر في محاولة لإيجاد حل للقنبلة الموقوتة التي تتكتك شرقنا، باتوا الآن يتحدثون عن إدارة النزاع. التقى وزير الدفاع بيني غانتس مع رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله لا ليفحص إمكانية إنهاء النزاع، بل لصيانته، في أنه أتاح تصاريح عمل. كما أن رئيس الوزراء يئير لبيد لا يطرح الموضوع الفلسطيني بالضبط على رأس فرحته. نعم، ذكر في أثناء لقائه مع الرئيس بايدن أنه يؤمن بحل الدولتين، لكن حزبه لم يعرض حتى هذه اللحظة خطة عمل في الموضوع.

في “هناك مستقبل” الذي يتنافس رئيسه على رئاسة الوزراء، يتحدثون عن السكن، وغلاء المعيشة، والثقافة، والتعليم. وهم متقنون وخبراء في كل هذه المواضيع، أما في الموضوع الفلسطيني فيستمر التلعثم.

ينبغي الاعتراف بأن لا شيء نتوقعه منهم. غانتس ولبيد يحاولان الغمز للمصوتين، من اليمين واليسار، على ألا يغضبانهم في موضوع موضع خلاف.

خيبة الأمل الكبرى من حزبي “العمل” و”ميرتس”؛ فلم تكن حقوق الإنسان والمواطن وتأييد إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل إلا ريح إسناد حفزت “ميرتس” لتقفز من فوق نسبة الحسم. في الحكومة المنصرفة خزنوا علم إنهاء النزاع، وناخبو الحزب خائبو الأمل وينتظرون اللحظة التي يعود فيها “ميرتس” لرفع أعلامه الأولى.

يختلف وضع حزب العمل الذي يرى نفسه حزباً حاكماً أقام وقاد الدولة ويريد العودة إلى هناك. الانتخابات التمهيدية اليوم بين ميراف ميخائيلي وعيران حرموني، الذي يعد بجلب شخصيات تكون في الصدارة وتعيد الحزب إلى عدد من منزلتين. ولا كلمة عن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ميخائيلي تجري اللقاءات الصحافية وتحصي إنجازاتها في حكومة بينيت – لبيد، وهي أيضاً لا تقدم خطة مرتبة للخروج من الوضع، وتقول إنه لا مفر من إيجاد حل للنزاع. لا مفر؟ اختيار مشوق للكلمات.

الآن بالذات، على “العمل” أن يتقدم بمواقف واضحة. في الحكومة المنصرفة كانوا مطالبين بتنازلات، وتلقوا دعماً من الناخبين الذين طالبوهم حتى بالسماح بمواصلة إبحار السفينة. أما الآن فانتخابات، وثمة مكان لتأكيد المواقف وتكييفها مع مواقف مقترعيهم، وإلا فلن يتوقف النزف الشديد. الوحشية التي من جانب “أزرق أبيض” – “أمل جديد” ومن جانب “يوجد مستقبل” ستصبح صيداً مضرجاً بالدماء. والتميز عنهم في الموضوع السياسي كفيل بأن يكون الفعل المؤثر الذي يبقي الحزب في الملعب ولا ينازع الحياة في الشبكة.

بقلمنوحاما دويك

 إسرائيل اليوم 18/7/2022

قد يعجبك ايضا