الصحف الإسرائيلية 16-7-2016

بعد مرور عام على الاتفاق النووي: في ايران يشعرون أنه لا سبب للاحتفال

بقلم: تسفي برئيل
مرت سنة على توقيع الاتفاق النووي مع ايران. وسيكون من المبالغ فيه القول إن الزمن يمر بسرعة في وقت المسرّات. ولكن يمكن القول أنه في اسرائيل على الأقل، لم يعد الموضوع النووي الايراني موجود على برنامج العمل اليومي. وهكذا هي الحال في اغلبية دول العالم. في المقابل، في ايران هذا عيد حزين بدون حلوى وبدون كعكة وبدون أكياس المفاجآت.
أظهر استطلاع للرأي العام أجري في ايران في حزيران وتم نشره هذا الاسبوع، أن 62 في المئة فقط من المستطلعين ما زالوا يؤيدون الاتفاق النووي، مقابل 75 في المئة كانوا مؤيدين له في آب الماضي، أي بعد التوقيع عليه بشهر. معطيات اخرى هامة تشير الى أن 5 في المئة يعتقدون أن القوى العظمى الغربية قدمت تنازلات جوهرية لايران، مقابل 22.6 في المئة اعتقدوا في السنة الماضية أن الغرب قد تنازل، و74 في المئة قالوا إن الوضع الاقتصادي لم يتحسن ونسبة ضئيلة جدا قالت إنه سيتحسن وأن الولايات المتحدة ستفي بالتزاماتها حسب الاتفاق. ولكن الامر المقلق بالفعل هو نسبة من يؤيدون الرئيس حسن روحاني، 38 في المئة عبروا عن موقف “ايجابي” جدا تجاه الرئيس مقابل 61 في المئة في شهر آب من السنة الماضية.
السبب الرئيس لتراجع التأييد يعود لتراجع الوضع الاقتصادي وليس بسبب التنازلات التي تم تقديمها من اجل التوصل الى الاتفاق. فنسبة البطالة لم تنخفض، وهي تبلغ 11 في المئة. الامر الذي يعني أن هناك 2.5 مليون عاطل عن العمل. ولكن حسب التقديرات في ايران فان عدد العاطلين هو أكبر من ذلك ويصل الى 3.5 مليون شخص، لأن عدد كبير من السكان يئسوا من التسجيل في مكاتب العمل وهم غير مشمولين في الاحصائيات الرسمية. النمو التقديري هذا العام كان 1.5 – 3 في المئة، وهذه نسبة أقل بكثير من توقعات الرئيس روحاني والتي كانت 5 في المئة. وقد وعد ايضا بزيادة مئات آلاف اماكن العمل الجديدة من اجل خريجي الجامعات. وهذا في اعقاب استثمارات جديدة في الدولة.
صحيح أن ايران قد وقعت على اتفاقات كبيرة للتطوير، لكن المستثمرين ما زالوا مترددين. فالعقوبات الامريكية التي لم يتم رفعها بعد، تمنع اجراء الصفقات بالدولارات، وهذا جزء من العقوبات التي فرضت على ايران بسبب ما يسمى تأييدها للارهاب والاستثمار في تطوير السلاح البالستي. صحيح أنه لا توجد علاقة لهذين البندين بالتوقيع على الاتفاق. ولكن طالما أن المستثمر الاجنبي لا يستطيع الاستثمار بالدولار فان هذا الامتناع يعتبر في ايران عقابا ينبع من عدم الوفاء بالالتزامات الامريكية حسب الاتفاق.
من هنا ايضا التحذيرات التي يقوم باسماعها المسؤولين في ايران ومنهم الرئيس حسن روحاني، والتي تقول إنه اذا لم تفي الولايات المتحدة بالتزاماتها فان ايران ايضا لن تفي بالتزاماتها حسب الاتفاق.
عام الانتخابات
صحيح أن حسن روحاني هو آخر شخص يريد افشال الاتفاق، تماما مثلما الرئيس الامريكي براك اوباما يبذل جهدا كبيرا لمنع تشريعات قد تضر بالاتفاق. لكنهما يضطران الى المناورة بين قوى سياسية قوية في الوقت الذي تستعد فيه الدولتان للانتخابات الرئاسية. وقد حذر عضو مجلس الشورى، هاشمي رفسنجاني هذا الاسبوع قائلا: “توجد في ايران جماعات تتنافس فيما بينها على وصف الاتفاق كفشل. وهذه الجماعات لا تفهم أن فشل الاتفاق سيُضعف ايران. وأنها بهذا تضحي بالمصالح القومية من اجل الحصول على المكاسب السياسية الحزبية”. وقد وقع 75 سياسيا وعسكريا رفيعي المستوى، في الطرف الامريكي، على رسالة تم ارسالها الى اوباما يوصون فيها بـ “تطوير سياسة تسمح بتوسيع التعاون مع ايران وتضائل الصراعات”. وقد تم ايضا اقتراح انشاء قناة دبلوماسية مع ايران على مستوى نواب وزراء الخارجية.
لكن الاتفاق النووي في الولايات المتحدة، رغم كونه حقيقة قائمة، ما زال يشكل ورقة لعب سياسية آخذة في التناقص. في المقابل، يتوقع أن يكون الاتفاق في ايران في مركز الانتخابات للرئاسة. وقد استطاع روحاني الى الآن تسجيل انتصارين هامين بفضل هذا الاتفاق، خلال عمليتين انتخابيتين للبرلمان ولمجلس الشورى، حيث حصل الاصلاحيون على انجازات ملفتة وعززوا قوتهم في هذين الجهازين. وهذه ليست انتصارات بسيطة، حيث أن البرلمان هو الجهة التي سيُطلب منها المصادقة على الخطة الاصلاحية الاقتصادية التي سيقوم روحاني بتقديمها. وبهذا يكون البرلمان هو الذي سيقرر ما اذا كان روحاني سيقوم بترجمة الاتفاق النووي الى ثورة اقتصادية تثبت للجمهور أن له ثمار حقيقية. قوة الاصلاحيين في مجلس الشورى ستخضع لاختبار حقيقي فقط عندما يذهب خامنئي. ولكن منذ الآن واضح أن الصراع على الارث لا يضمن انتصار الراديكاليين. المنافسة الآن ضد الوقت لأنه بقيت سنة على الانتخابات. وكل تأخير في تطبيق الاصلاحات الاقتصادية سيكون حاسم ويضر بفرص روحاني للانتصار.
فساد النخبة
في الشهر الماضي انفجرت في وجه روحاني قضية الفساد التي تم الكشف فيها عن الرواتب الكبيرة التي يحصل عليها موظفون رفيعو المستوى في البنوك وفي مؤسسات الدولة. حيث تبين أن الراتب الشهري لمدير صندوق التطوير القومي يصل الى 18 ألف دولار، ورواتب مدراء البنوك أعلى من ذلك. روحاني سارع الى اقالة عدد من مدراء البنوك، لكن وصمة الفساد أصابت الرئيس الذي وعد منذ انتخابه بتطهير الفساد الاداري. صحيح أن روحاني يمكنه الكشف عن عمق فساد حرس الثورة، والتهريب الذي يمول نشاط المنظمة والتدخل الشخصي للمسؤولين في خزينة الدولة، لكنه يكتفي في الوقت الحالي بالمطالبة بالشفافية. فهو لم يصل بعد الى مستوى الانتقادات التي وجهها احمدي نجاد لحرس الثورة.حيث قام بتسميتهم “اخواننا المهربين”.
في المقابل، جيب روحاني الاقتصادية غير فارغة. فقد عادت ايران لتبيع 2.5 مليون برميل نفط يوميا، أي أقل بمليون برميل من الفترة التي سبقت العقوبات. وهي تقول إنها أعادت لنفسها 80 في المئة من الاسواق التي كانت لها وهي تقوم باصلاح اسطول طائرات الركاب. السياحة ايضا في تحسن، لكن روحاني تعرض لضربة عندما صادق مجلس الكونغرس الامريكي على اقتراح قانون يهدف الى بيع 80 طائرة بوينغ وتأجير 20 طائرة اخرى في صفقة تبلغ قيمتها 25 مليار دولار كان يفترض أن تفتح قناة اقتصادية هامة بين ايران والولايات المتحدة. هذا التشريع لا يشكل بعد قرار اعدام للصفقة. وقد يستخدم الرئيس الفيتو. لكنه يشير الى الثقل الكبير على نوايا روحاني في احداث الانطلاقة الاقتصادية.
المفارقة الامريكية
هنا نجد تعبير المفارقة التي تميز السياسة الامريكية. خلال سنوات سعت الادارة الى التأثير على طابع النظام في ايران وتشجيع الاصلاحيين وتأييد الرؤساء المعتدلين. الاتفاق النووي هو رافعة استثنائية في أهميته، ليس فقط لكبح المشروع النووي الايراني، بل ايضا لتعزيز الاصلاحيين والرئيس روحاني. وعندما ستتوفر فرصة مساعدة النظام الايراني الذي يحاول كبح القوى الراديكالية، يأتي الكونغرس ليضع حاجزا بسبب الخلافات السياسية الداخلية، وليس للاعتبارات الاستراتيجية.
تستمر ايران في تنفيذ شروط الاتفاق. وحسب التقرير الاخير لوكالة الطاقة الدولية التي تراقب تطبيق الشروط، لم يسجل أي تجاوز أو اخلال من قبل ايران. والمشكلات هي من ناحية وكالة الطاقة التي تواجه صعوبات في الميزانية من اجل الرقابة، حيث تبلغ تكلفتها 10 ملايين دولار سنويا. وهي بحاجة الى 80 خبير منهم 45 للموضوع الايراني. وهي تعاني من نقص في 20 مراقب في ارجاء العالم. وقد استدعت مؤخرا متقاعدين للرقابة وهي تحاول اعداد مراقبين لاكمال النقص. وليس واضحا اذا كانت الدول الموقعة على الاتفاق ستوافق على تمويل الرقابة التي ستبلغ في السنوات العشرة القادمة 100 مليون دولار. ولكن هذه قصة اخرى سيتم فحصها من جديد كل سنة.
هآرتس

قد يعجبك ايضا