مقترح الـ60 يوم تهدئة.. مفاوضات تبحث “الأمور الفنية” وضمانات شفهية فقط بوقف الحرب

شبكة الشرق الأوسط نيوز : من المرجح أن تتكلل جهود الوسطاء الحالية بالنجاح، وتثمر عن إعلان اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يدوم لـ60 يوما، ويكون بداية لمفاوضات تنهي الحرب كليا، ما لم يحدث أي تعقيدات من الجانب الإسرائيلي على غرار المرات السابقة، وذلك بعد تقديم مقترح جديد يوازي بين مطالب الطرفين.

والمقترح الجديد الذي قدمه وسطاء التهدئة، يستند إلى خطة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بوجود بعض التعديلات، التي تقارب بين وجهات نطر حماس وإسرائيل، حيث لا يشمل المقترح الجديد على بند يشير صراحة إلى وقف إطلاق النار، وهو ما تطلبه إسرائيل، لكنه يحمل تطمينات قوية وتعهدات بعدم العودة مجددا للحرب، والاستمرار في التفاوض حتى الوصول إلى هذه الغاية، وهو أمر يحقق ما تطلبه حركة حماس.

الأمور الفنية

وفي حال الإعلان عن موافقة الطرفين على المقترح رسميا، سيسار إلى عقد مفاوضات “غير المباشرة”، والتي يسعى الوسطاء لتحديد موعدا لها، وستكون سريعة جدا، في حال سارت الأمور على الشكل المطلوب، لبحث “الأمور الفنية”، وفقا لمصدر فلسطيني مطلع تحدث لـ”القدس العربي”.

وتشمل “الأمور الفنية”، كيفية إطلاق سراح الأسرى من الطرفين، وأسماء الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية، المنوي الإفراج عنهم، وكيفية اختيارهم من بين الأسرى المتواجدين في سجون الاحتلال، كما تشمل الاتفاق على الطريقة التي ستتم فيها العملية، إلى جانب بحث خطط الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، ومناطق تواجد جيش الاحتلال.

وعلمت “القدس العربي” أن فصائل المقاومة بعد مشاورات سابقة، أبلغت الوسطاء أنها تقبل بأن تكون انسحابات جيش الاحتلال مشابهة للانسحاب الذي حصل خلال التهدئة الماضية التي دخلت حيز التنفيذ يوم 19 يناير الماضي، كخطوة أولى، يتبعها انسحابا كاملا من القطاع، وأن يجري أيضا انسحاب جيش الاحتلال من “محور فيلادلفيا” الفاصل بين قطاع غزة ومصر، فيما يتوقع أن تضع إسرائيل اعتراضات على ذلك، بتمسكها في التواجد هناك، وفي بعض المناطق في القطاع، فيما ستطلب حماس التي تفاوض باسم فصائل المقاومة بضمانات قوية لوقف الحرب.

وكان القيادي في حركة “حماس” طاهر النونو، قال إن الحركة “مستعدة وجادة بشأن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة”، وأنها مستعدة لقبول أي مبادرة تؤدي بوضوح إلى إنهاء الحرب بشكل كامل.

ومن المقرر أن يجري خلال المفاوضات “غير المباشرة”، بحث تنفيذ “البروتوكول الإنساني” الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، حيث تطلب حماس أن ينفذ البروتوكول بالكامل، وألا تقوم إسرائيل كما المرة السابقة بتعطيل هذا الاتفاق، وتنفيذ بعض بنوده ورفض تنفيذ أخرى.

ويشمل ذلك تحديد عدد الشاحنات التي ستدخل قطاع غزة خلال التهدئة وهي تقل مساعدات إنسانية وطبية وغذائية، إضافة إلى الشاحنات التي تقل خيام للنازحين، والتي عطل الاحتلال إدخالها في التهدئة الماضية، هي والبيوت المتنقلة “الكرفاتات” التي كان يفترض إدخالها لإيواء النازحين، إضافة لآليات ثقيلة تستخدم في فتح الشوارع المغلقة والمساهمة في إصلاح البنى التحتية المدمرة.

مشاورات في تركيا

هذا وقد بدأت حركة “حماس” حسب ما أعلنت في بيان رسمي، إجراء مشاورات داخلية وأخرى مع فصائل المقاومة، حول المقترح الجديد، فيما يواجه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو معارضة قوية داخل أركان ائتلافه، برفض الوزراء المتطرفين هذا المقترح، وتلويح الوزير إيتمار بن غفير بالانسحاب من الحكومة، بعد طلبه الاستمرار في الحرب وتوسيع رقعة العمليات البرية ضد غزة.

وأعلنت “حماس” أنها تتعامل “بمسؤولية عالية”، مشيرة إلى أنها تجري مشاورات وطنية لمناقشة المقترحات المقدمة من الوسطاء من أجل الوصول لاتفاق يضمن إنهاء العدوان وتحقيق الانسحاب وإغاثة الشعب بشكل عاجل في قطاع غزة.

قيادة حماس تجري مشاورات داخلية وتلتقي مع مسؤولين أتراك كبار في أنقرة

وتلا ذلك أن أعلنت “حماس” في إطار تحركاتها السياسية والدبلوماسية لوقف الحرب، عن عقد وفد قيادي برئاسة محمد درويش رئيس مجلس الشورى والمجلس القيادي للحركة، سلسلة لقاءات مهمة مع القيادة التركية في العاصمة أنقرة، التقت خلالها هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، وإبراهيم كالن، رئيس جهاز المخابرات التركية، وقالت إن اللقاءات تناولت “تطورات العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، والجهود الدولية المبذولة من أجل وقف الإبادة الجماعية ورفع الحصار، إلى جانب سبل تعزيز التحرك الإقليمي والدولي لوقف هذه الحرب الظالمة، وتقديم الدعم الإنساني العاجل لأبناء شعبنا المحاصر”.

بنود الاتفاق

ووفق المعلومات التي يجري تناولها، يتضمن العرض الجديد إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين، على فترات أيام التهدئة التي تمتد لـ60 يوما، وتشمل إطلاق سراح ثمانية أسرى أحياء في اليوم الأول، وتسليم خمسة جثامين أسرى إسرائيليين في اليوم السابع، وفي اليوم الـ30 يجري تسليم خمسة جثامين أخرى، أما في اليوم الـ50 فيجري إطلاق سراح أسيرين أحياء، فيما تسلم حماس في اليوم الـ60 جثامين ثمانية أسرى.

ويشمل المقترح انسحابا إسرائيليا من قطاع غزة في اليوم الأول، وبعد تسليم ثمانية أسرى أحياء، سيبدأ الانسحاب من شمال غزة وفقًا للخرائط المتفق عليها، أما في اليوم السابع، وبعد تسليم خمسة جثامين، سيبدأ الانسحاب من جنوب غزة وفقًا للخرائط المتفق عليها، على أن تعمل الفرق الفنية على ترسيم حدود الانسحاب خلال مفاوضات سريعة بعد الموافقة على مقترح الإطار.

وبخصوص المساعدات الإنسانية، ينص على أن تبدأ المساعدات فور موافقة حماس على الاقتراح. وفقًا لاتفاق 9 يناير، بكميات كافية وبمشاركة الأمم المتحدة والهلال الأحمر.

ويشمل المقترح أن تتم عمليات التبادل دون أي استعراض أو مراسم رسمية، كما عملت “حماس” في المرة السابقة، وأن تقوم حماس بتقديم معلومات في اليوم العاشر للتهدئة، عن كل أسير في غزة تشمل إثبات إن كان حيا أو ميتا، على أن تقدم إسرائيل معلومات كاملة عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ 7 أكتوبر.

ويضع المقترح تصورا لانطلاق مفاوضات خلال فترة التهدئة، تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل دائم، بحيث يجري تقديم مقترحات الطرفين على طاولة التفاوض، مع إعلان الرئيس الأمريكي عن تعهد بضمان استمرار وقف إطلاق النار طوال هذه الفترة.

ويشمل المقترح تقديم الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) ضمانات لإجراء مفاوضات جادة لإنهاء الحرب خلال فترة وقف إطلاق النار، وفي حال لم يكن الوقت كافيًا، فيمكن تمديده وفقًا للإجراءات المتفق عليها، وأنه في حال التوصل إلى اتفاق نهائي، سيتم إطلاق سراح الأسرى المتبقين، على أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق، بتأكيد الولايات المتحدة التزامها بضمان استمرار المفاوضات، والتي سيقودها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بهدف إنهاء الحرب.

وتشمل هذه المرحلة الاتفاق على مفاتيح تبادل الأسرى المتبقين، والإعلان عن وقف إطلاق نار دائم، وعن ترتيبات أمنية طويلة الأمد في غزة، والتزامات دولية لذلك، خاصة وأنها تشمل الاتفاق على إعادة إعمار غزة.

تجدر الإشارة إلى أنه رغم إعلان الرئيس ترامب موافقة إسرائيل على المقترح، إلا أن نتنياهو لم يخرج بشكل رسمي معلنا موقفه من المقترح، في وقت يواجه فيه ضغوط داخلية من حلفاءه في الائتلاف، لرفض الخطة والمضي في توسيع الحرب ضد غزة.

وكان ترامب كتب على موقع “تروث سوشيال” منشورا حذر فيه “حماس” من رفض المقترح، بعد زعمه موافقة نتنياهو، وقال “آمل من أجل الشرق الأوسط، أن تقبل حماس الصفقة، لأنه إن لم تفعل، فستزداد الأمور سوءًا بالنسبة لهم، لا أن تتحسن”.

وحتى اللحظة لم يثار ملف سلاح المقاومة في غزة، ولا نفي قيادة حماس في الخارج، ولا يعرف إن كانت إسرائيل ستثير هذه الملفات في المفاوضات “غير المباشرة” التي يجري العمل على تحديد موعد لها، أم أنه سيجري تجاوزها في المرحلة الحالية.

لكن نتنياهو قال إن حكومته ستعمل على “القضاء التام على حماس” وعدم السماح بعودتها إلى السيطرة على قطاع غزة، مشددا في الوقت نفسه على أن إسرائيل ستنجح في تحرير جميع الأسرى.

يشار إلى أن اجتماعا عقد قبل يومين بين المبعوث الأمريكي ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جيه دي فانس، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وذكرت تقارير عبرية أن ديرمر وافق على بند في المقترح الجديد يتناول المساعدات الإنسانية وانسحاباً تدريجياً للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة خلال فترة التهدئة.

المصدر : القدس العربي 

قد يعجبك ايضا