إسرائيل ومصر.. علاقات إيجابية ومصالح مشتركة
لمن اعتاد البرودة من القاهرة، فالبادرات الطيبة هي الأخرى مؤشر لتغيير مواقف القيادة المصرية. ما يمكن أن يصنف كبادرة طيبة هي أعلام إسرائيل التي رفعت في قمة السيسي – بينيت، ورحلات شركة الطيران المصرية إلى مطار بن غوريون، ثم صورة جماعية للقاء التنسيق العسكري، التي نشرت في وسائل الإعلام. وكلها مؤشرات علنية على تحول استراتيجي آخذ في التحقق. كما انعكس هذا أيضاً في اللقاء الأمني بين رئيس هيئة الأمن القومي ايال حولتا، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل. إلى جانب ذلك، من المهم تبريد النشوى لأن الوضع بعيد من أن يكون علاقات سلام مثالية. فالرئيس المصري يحرص على ألا يكشف معظم الضباط المصريين على الاتصال بالجيش الإسرائيلي، ولا يحدث تغييراً شاملاً في الشكل السلبي، بل وأحياناً اللاسامي، الذي تغطى فيه إسرائيل في الإعلام المصري.
ومع ذلك، فإن الخطوات الإيجابية التي يحركها السيسي تقوم على أساس مصالح مشتركة للدولتين، مثل: مكافحة الإرهاب الإسلامي الذي تنفذه “داعش”-لواء سيناء. والنتائج واضحة: في السنتين الأخيرتين، قمعت (إن لم تكن صفيت) قدرة “داعش” على تنفيذ العمليات بحجم واسع ضد قوات الأمن المصرية وضد أهداف مدنية.
ثانياً، يحاول السيسي الاقتراب من إدارة بايدن. فقرار إلغاء قوانين الطوارئ الموجودة في مصر منذ 1967 يلوح كبادرة طيبة لدوائر ليبرالية في مصر وللإدارة الأمريكية. وفي مغازلة لواشنطن، لإسرائيل دور كعامل مؤيد من خلف الكواليس. صحيح أن الولايات المتحدة علقت 130 مليون دولار من رزمة المساعدة لمصر، لكن سجلت نتيجتان في المساعي لإحداث ترميم لمكانتها، وهما: اختيار الولايات المتحدة إجراء مناورة “نجم لامع” على الأراضي المصرية. والثانية أن أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حواراً استراتيجياً في واشنطن مع نظيره المصري سامح شكري في مسائل مهمة، بما فيها الجهود المصرية؛ لمنع الحكومة الإثيوبية من تفعيل سد النهضة.
ثالثاً، لإسرائيل ولمصر مصلحة مشتركة في تحقيق مساعي التسوية في غزة. وتؤدي مصر دوراً رائداً، حتى وإن كان التمويل يصل من مصادر أخرى.
رابعاً، تتشارك الدولتان في محاولة لإقامة إطار للبحر المتوسط يكون ذا جانب اقتصادي متعلق بالطاقة بوضوح، مع معان سياسية – استراتيجية. إلى جانب ذلك، يوجد مع لقاءات القمة (إسرائيل – اليونان – قبرص) منتدى غاز شرق البحر المتوسط، الذي تعدّ مصر وإسرائيل عضوتين فيه، ويستهدف لجم تطلعات أردوغان الإقليمية.
خامساً، حتى لو لم يكن لمصر مصلحة في التصدي للتهديد الإيراني، فإنها لا تعتمد اقتصادياً وسياسياً على الولايات المتحدة فحسب، بل وأيضاً على دعم السعودية والإمارات. هذا يضع إسرائيل ومصر في نقطة لقاء، ويؤكد وعي السيسي لقيمة شبكة العلاقات.
من المهم تطوير العلاقات، ومنح مساعدة هادئة للمصلحة المصرية في الساحة الأمريكية الداخلية، وتثبيت منظومة القوى في شرق البحر المتوسط. الميل اليوم إيجابي، ولا ننسى بأن للاستقرار المصري ولتوجهها السياسي أهمية أولى في سموها لمستقبل إسرائيل.
بقلم: العقيد احتياط د. عيران ليرمان
معاريف 21/11/2021