الاحتجاجات تستعر في جنوب العراق… وصراع على ساحة الخلاني وسط بغداد

 

وهج 24 : رغم الهدوء النسبي الذي يشهده الحراك الاحتجاجي في العاصمة العراقية بغداد، بعد إقدام القوات الأمنية على حصر المتظاهرين في ساحة التحرير، وقطع الطريق بالحواجز الكونكريتية نحو تمدد الجموع المحتجة منذ الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى الساحات والجسور والمناطق المحاذي للميدان الشهير، لكن الأوضاع بدأت تتخذ شكلاً جديداً من التصعيد في محافظات الوسط والجنوب، لا سيما محافظات ذي قار والبصرة والديوانية.
شاهد عيان قال لـ«القدس العربي»، إن «القوات الأمنية أغلقت ساحة الخلاني المحاذية لساحة التحرير بالحواجز الكونكريتية، لكن مساء أمس (الأول) أقدم المتظاهرون على إسقاط إحدى القطع الكونكريتية، الأمر الذي دفع قوات الأمن إلى إطلاق قنابل الصوت والغاز باتجاههم، مما تسبب بالعديد من حالات الاختناق بين صفوف المتظاهرين».
وأضاف الشاهد الذي لم يُفضّل الكشف عن هويته، إن «أغلب خيام الدعم التي كانت تتواجد بالشارع الرابط بين الساحتين، والتي رفعت خيامها قبل يومين، عادت لمزاولة عملها من جديد، لتقديم الدعم الطبي للمتظاهرين، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي».
وأكمل: «كلما اقترب المتظاهرون من الحاجز المقام عند ساحة الخلاني، يمنعهم القوات الأمنية مستخدمة الغاز المسيل للدموع»، مبيناً إن «أعداد المتظاهرين، رغم قلّتها في اليومين الماضيين، غير إنها لا تزال كبيرة».
المفوضية العليا لحقوق الإنسان (رسمية خاضعة للبرلمان)، استعرضت في بيان لها، أمس الإثنين، ما شهدته محافظة ذي قار الجنوبية، ليلة الأحد – الاثنين، مؤكدة أنها «رصدت «الأحداث المؤسفة التي حدثت مركز محافظة ذي قار قرب مديرية التربية ونقابة المعلمين بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب على خلفية إعلان الدوام الرسمي مما أدى إلى سقوط 4 قتلى وإصابة 130 من القوات الأمنية والمتظاهرين إصابة البعض منهم خطرة».
وأضاف أن «المفوضية وثقت اعتقال 34 متظاهرا بصورة تعسفية وانتشار المتظاهرين في أحياء المدينة ومحاولتهم إغلاق الدوائر الحكومية وتوزيع منشورات في مدينة الناصرية تحرض على ضرورة إغلاق كافة الدوائر الحكومية».
وتابعت المفوضية في بيانها أنها «تدين أشكال العنف والاستخدام السيئ للغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية وقنابل الملوتوف والحجارة والآلات الحادة من قبل القوات الأمنية وعدد من المتظاهرين والذي تسبب بسقوط الضحايا بين الطرفين».

احتكاك وتصادم

ودعا البيان «المتظاهرين إلى التعاون مع القوات الأمنية لإعادة الحياة إلى المرافق العامة والمدارس والجامعات والدوائر وبما يعزز حقوق الإنسان ويديم تقديم الخدمات الإنسانية للمواطنين، وتدعو كافة الأطراف إلى الابتعاد عن الاحتكاك والتصادم والالتزام بسلمية التظاهرات».
واستمر المحتجون في ذي قار بإغلاق مبنى تربية المحافظة، بالإضافة إلى مواصلة طلبة المدارس والجامعات التحاقهم بالحراك الاحتجاجي في مركز مدينة الناصرية، وتحديداً في ساحة الحبوبي.
ووفق مصادر محلية، فإن المتظاهرون في ذي قار أغلقوا عدداً من الجسور في المدينة، أبرزها الحضارات والنصر والزيتون، وأحرقوا الإطارات في مداخلها وسط الناصرية. وأشارت إلى أن أغلب الدوائر في المحافظة مُغلقة بـ«أمر الشعب».
ويعدّ الطلبة أبرز الفئات الداعمة للزخم في جميع الحركات الاحتجاجية في المحافظات، فبالإضافة إلى ذي قار، التحق الطلبة بالتظاهرات في محافظات واسط والديوانية وبابل وميسان وغيرها.
في محافظة البصرة، الغنيّة بالنفط، خلت ساحة الاعتصام الواقعة بالقرب من ديوان المحافظة، من التظاهرات، وسط انتشار أمني كبير.

هيومن رايتس ووتش: الحكومة حاولت منع المواطنين والعالم من رؤية ردها القاتل على المتظاهرين

وحسب موقع «المربد» البصري، فإن «المواطنين يتحدثون عن منع القوات الامنية لأي تجمعات للطلبة او المتظاهرين من التجمع أو التظاهر»، مبيناً أن «قوات الامن تمنع وتلاحق أي تجمع للتظاهرة في البصرة، وتفرض سلسلة من الاطواق الامنية حول ساحة البحرية القريبة من مبنى الحكومة المحلية التي كانت تشهد خلال الأيام الماضية توافد الآلاف للتظاهر والاعتصام ومن مختلف الشرائح والأعمار».
وسبق للجنة حقوق الإنسان البرلمانية، أن عبّرت عن قلقها «البالغ» من الطرق الخطيرة التي تم خلالها مواجهة المتظاهرين، خاصة القناصين واستخدام آلات الصيد من قبل مجهولين، إضافة إلى تفجير العبوات الصوتية قرب ساحات التظاهر»، مبينة أن وزارتي الصحة والداخلية، «لم تبديا تعاونا بشأن تزويدها بالبيانات الدقيقة المتعلقة بأعداد القتلى والجرحى والمعتقلين من المتظاهرين».
جاء ذلك في بيان للجنة، حيث استضافت، برئاسة النائب أرشد الصالحي رئيس اللجنة وبحضور أعضائها، رئيس وأعضاء مفوضية حقوق الإنسان للاستماع إلى تقريرها الخاص بالأحداث التي رافقت التظاهرات منذ مطلع الشهر الماضي.
وأضاف البيان، أن «الاستضافة التي حصلت في مقر اللجنة، أستهلت بكلمة لرئيس اللجنة، أكد فيها على ضرورة اتخاذ الجهات الرقابية والهيئات المستقلة مسؤولية متابعة الأحداث التي ترافق التظاهرات وتوثيق الانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي كفلها الدستور للمتظاهرين والأمنيين، حاثا مفوضية حقوق الإنسان على الاستمرار بعملها الدؤوب في توثيق مجريات الأحداث، مشيدا بدورها البارز في نقل المجريات الميدانية».
ودعا الصالحي، «الجهات الحكومية إلى المحافظة على حياة المتظاهرين والتمسك بزمام الامور وعدم السماح إلى اتجاهها صوب مواجهات قد لا تحمد عقباها مما يؤدي الى ايصال صورة سلبية للعراق امام المجتمع الدولي بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان».

خيّبة أمل

وزاد البيان، «كشف رئيس مفوضية حقوق الإنسان عن التعامل السريع والأخذ بالمسؤولية المناطة بعمل المفوضية من خلال التحرك الواسع لمفوضيها وموظيفها في جميع المحافظات التي تشهد تظاهرات ومنها بغداد وممارسة مهامهم خلال الدوام الرسمي وبعده وفي أيام العطل لرصد الانتهاكات وتوثيقها»، مشيرا إلى «إصابة عدد من موظفي المفوضية أثناء تغطية التظاهرات»، لافتا الى «توفير كافة المستلزمات للفرق الرصدية لمفوضية حقوق الإنسان التي تسهل عملها في الميدان».
وختم البيان بالقول أن «لجنة حقوق الإنسان النيابية تعرب عن قلقها البالغ من الطرق الخطيرة التي تم خلالها مواجهة المتظاهرين، خاصة القناصين واستخدام آلات الصيد من قبل مجهولين، إضافة إلى تفجير العبوات الصوتية قرب ساحات التظاهر»، مؤكدة على «أهمية إلتزام الحكومة بتوفير الخدمات التي تكفل للمواطنين حرية التواصل والتعبير بعدم قطع شبكة الإنترنت».
يأتي ذلك بالتزامن مع عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، جلسة «الاستعراض الدوري الشامل» لمراجعة سجلات حقوق الإنسان في العراق، الأمر الذي دفع منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى دعوة المجلس لأن يكون تصاعد عمليات قتل المتظاهرين على أيدي قوات الأمن العراقية خلال الشهر الماضي في قمة اهتمامات الدبلوماسيين أثناء صياغتهم التوصيات.
ودعت «رايتس ووتش»، في بيان لها، «الأمم المتحدة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها وقف عمليات القتل التي تمارسها قوات الأمن العراقية ضد المتظاهرين».
وأشارت إلى أن «قوات الأمن قتلت 147 متظاهرا على الأقل في احتجاجات في العاصمة بغداد ومدن العراق الجنوبية، في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما قتل أكثر من 100 متظاهر في موجة الاحتجاجات الثانية منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول، حسب المنظمة الحقوقية.
وذكرت أن «في الموجة الثانية أطلقت قوات الأمن في بغداد عبوات الغاز المسيل للدموع ليس فقط لتفريق الحشود، لكن في بعض الحالات مباشرة على المتظاهرين، وهو شكل وحشي للقوة القاتلة».
وقالت إن «بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وثقت مقتل 16 متظاهرا بعبوات الغاز المسيل للدموع التي أصابتهم في رؤوسهم أو صدورهم».
ولفتت إلى أن منظمة «العفو» الدولية وجدت أن بعض عبوات الغاز المسيل للدموع التي تستخدمها القوات العراقية لقتل المتظاهرين، صُنعت في إيران.
واتهمت المنظمة الدولية الحكومة الحالية بمحاولة منع العراقيين والعالم من رؤية مدى ردها القاتل ضد التظاهرات من خلال قطع شبكة الإنترنت.
وأضافت: «بينما أصدرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عدة بيانات تدين الاستخدام المفرط للقوة، إلا أن إيران وغيرها من حلفاء السلطة في العراق ظلوا صامتين».
واعتبرت أن إيران وكل عضو آخر في الأمم المتحدة مدينون بحياة كل متظاهر قتل، وبإقناع العراق بحماية حقوق مواطنيه في حرية التعبير بدلا من قمعها.

قلق ياباني

إلى ذلك، أصدرت اليابان، أمس الإثنين، بيانا صحافياً طالبت فيه الحكومة العراقية بالاستجابة لتطلعات الشعب.
وقالت وزارة الخارجية اليابانية إن «اليابان تشعر بالقلق إزاء العدد الكبير من الضحايا خلال المظاهرات واسعة النطاق التي تحدث في بغداد وفي الأجزاء الوسطى والجنوبية من البلاد»، داعية «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس للحد من وقوع المزيد من الضحايا، وستواصل مراقبة الوضع عن كثب».
وأكدت أن «العراق بوصفه حجر زاوية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، سيتجاوز الوضع الحالي بطريقة سلمية»، معربة عن أملها أن «تستجيب حكومة العراق لتطلعات الشعب العراقي التي عبرت عنها المظاهرات الحالية، وتقوم بالإصلاحات بسرعة بطريقة تحوز على ثقتهم بشكل كبير وتحقق الاستقرار والتنمية في البلد».

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا