«الشعانين» الفرح فرحان.. عيد وترميم قبر المسيح

أبواب – تالا أيوب

أحد ليس ككل أحد.. يوم ساعاته تتزين بسعف النخيل وعروق الزيتون.. ذاك»أحد الشعانين» عند المسيحيين الذي يسبق عيد «أحد الفصح المجيد».. في الأردن كل عيد له فرحة لدى المسلمين والمسيحيين.. وأهله لا يفوتون فرصة بأي عيد إلا ببصمة تسامح.. وهاهو ملك بلاد يكرم الجميع قبل الجميع بترميم قبر المسيح.

عيد ومكرمة الملكية
يقول كاهن رعية الأشرفية للروم الكاثوليك «الاب خالد شعبان»: «نحن في الاردن حبانا الله بملك إنسان يرتكز ملكه على الحرية والعدالة والمحبة.. يكرس حياته لخدمه وطنه وشعبه.. ويعزز القيم الانسانية والوطنية وينشر المحبة والوئام وأسس العيش المشترك.»
ويضيف» إن مكرمته لترميم القبر المقدس «قبر الفداء والخلاص» في كنيسة القيامة على نفقته الخاصة لخير دليل على انسانيته، كون المكرمة تعبير عن اجمل الصور للتسامح التي يعيشها الشعب الاردني بمسلميه ومسيحييه تحت حكمه.. إذ تسود عليهم روح الاخوة الصادقه كونه يعامل اخوته بالعدل والمحبة والاخلاص.»
أما الأب رفعت بدر رئيس المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام، فيقول:» ليس غريباً على الهاشميين ان يكونوا رياديين وكرماء، وهذا شان العظماء. فجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين يهب دائماً لنصرة المدينة المقدسة.»
ويضيف: « يأتي التبرع الكريم من صاحب اليد البيضاء لتغطية نفقات القبر المقدس في كنيسة القيامة ليؤكد على ان الوصاية الهاشمية للاماكن المقدسة في فلسطين، وفي الاخص في القدس هي تطبيق عملي على ارض الواقع قبل ان تكون خطابات وشعارات فالقول الجميل لدى الهاشميين يقترن دائما بالعمل النبيل. فالوصاية التاريخية هي في العمل الحثيث وتقديم الدعم للمقدسات المسيحية والاسلامية على حد سواء.»
ويتابع القول:»اننا كمواطنين في الاردن الغالي وكمسيحيين في الشرق ، نعتز ونقدر هذه اللفتة الكريمة والمبادرة العالية الشأن، ونؤكد في الوقت ذاته انه سيكون لها الاثر الطيب والفعالية الملموسة في شأنين، أولهما تعزيز وتقوية اللحمة الوطنية والعلاقات التاريخية وروح المواطنة الحقيقية المشتركة ما بين المسلمين والمسيحيين. وثانيهما تعزيز وتقوية للحضور العربي المسيحي داخل فلسطين، و في بلدان الشرق الاوسط التي يتعرض فيها المسيحيون في بعض البلدان الى اضطهاد وتهجير.»
ويؤكد بالقول: «إن هذا العمل الرائد من الملك الحكيم سيكون له الثمار الطيبة في تعزيز روح التعاون والمودة بين اتباع الديانتين المسيحية والاسلامية في مختلف ارجاء العالم. وهذا ليس غريبا على الملك الذي فتح ابواب بلاده لاستقبال المهجرين والباحثين عن الكرامة، بأن يرمم قبر السيد المسيح تشهد على عمق الايمان وتجذره في التربة العربية.»

«أحد السعف والزيتون» رغم اختلاف التاريخ
يقول الأب خالد شعبان :» تحتفل الكنيسة اليوم، الأحد السادس من الصوم الكبير بأحد الشعانين أو أحد السعف أو الزيتون ..وهو ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينه القدس. وفيه يبارك الكاهن أغصان الشجر من سعف وزيتون ونخيل ويجري الطواف بالكنيسة وخارجها بطريقه رمزية تذكاراً بدخول السيد المسيح الى المدينة المقدسة.. وهم يرددون الترانيم الدينية.»
ويضيف»ترفع في هذا الاحتفال اغصان النخيل التي ترمز الى الانتصار واغصان الزيتون التي ترمز الى السلام حيث كان يستقبل الملوك بها، وكذلك الشموع التي تحمل رمزية النور لتنير خطى الانسان .»
ويتابع القول:»عيد الشعانيين هو قيامة مصغرة للسيد المسيح، وهو عيد فرح وابتهاج لا يتوج الا في الفصح والقيامة، وبه اراد ان يخلص الناس من عبودية الشيطان والخطيئة وهي عبودية اصعب بكثير من عبودية الرومان . لأن عبودية قيصر قاصرة فقط على غربى هذا العالم ، بينما عبودية الشيطان تضيع ابدية الانسان بكاملها.»
وحول اختلاف الاحتفال بهذا العيد عند الطوائف المسيحية، فيشار إلى أن السنه الشمسية او الفلكية هي المدة التي تقضيها الشمس في سيرها من نقطة الاعتدال الربيعي الى وقت رجوعها الى النقطة ذاتها وهي تتألف تماماً من 365 يوما وخمس ساعات وثمان واربعين دقيقة ونحو ست واربعين ثانية. وكان المصريون القدماء يحسبون سنتهم الشمسية مؤلفة من 360 يوماً لا غير، فكان الاعتدال الربيعي وبتلك الحالة يتأخر سنوياً عن ميعاده الفلكي نحو 5 أيام وربع فكان الربيع ينتقل تدريجيا الى كل فصول السنة تماماً كما يقع اليوم الحساب الهجري، فاصلحوا هذا التقويم بأن جعلوا السنة مؤلفة من 365 يوماً.
وفي عهد الامبراطور يوليوس قيصر الذي حكم الامبراطورية الرومانية سنة 44 قبل المسيح فأصلح هذا الحساب المصري، وزاد على السنة ست ساعات ومن هذه الزيادة يتألف كل 4 سنوات يوم كامل يضاف الى آخر شهر شباط فيكون 29 يوما تسمى هذه السنة بالكبيس أي انها تكبس وتضاف عليها يوم واحد.
هذا الحساب الشرقي القديم يدعى الحساب اليولياني نسبة الى يوليوس قيصر، وما زالت الكنيسة الشرقية تسير على هذا التقويم، وهو بذلك يزيد سنويا على السنة الحقيقية الفلكية إحدى عشره دقيقة واربعة عشر ثانية،ومن هذه الزياده تتألف كل 100 سنه 18 ساعه و35 دقيقه وفي كل 1000 سنه يصل الفرق الى 7 ايام و17 ساعه و50 دقيقه .
سنة 1582 ظهر البابا غريغوريوس الثالث عشر، وكان عالماً فلكيا من الطراز الاول فوجد الفرق بين السنه الفلكيه الحقيقيه والحساب القديم 10 ايام، فأمر أن ينتقل التاريخ من الرابع من تشرين الاول الى الخامس عشر منه، وأن يضاف يوم كامل كل 4 سنوات اذا كانت السنة الكبيس .
وبالرغم من كل هذا يبقى الفرق نحو 24 ثانيه كل سنة، وكل 3500 سنه يوم كامل ويكون الفرق بين الحسابين حاليا 13 يوماً، وهو اقرب الى الواقع . ويسمى هذا التقويم بالغريغوري نسبة الى البابا غريغوريوس وصار العالم كله على هذا النظام الى يومنا الحاضر. لذلك نشاهد اليوم الفرق بين العيد الكبير الذي يسير على النظام الغريغوري والنظام اليولياني .
فيما قام قداسة البابا فرنسيس الاول مؤخراً ، بمبادرة منه لوضع تاريخ محدد وثابت لهذا العيد الكبير واقترح على كل الكنائس ان يقام عيد الفصح في الاحد الثاني من نيسان من كل سنة. ومازال المبادرة قيد الدراسة في الكنائس المختلفة.

زينة العيد
في العيد يحلو التزين ويتفنن البعض به.. تقول «نورما خوري» المزينة اليدوية : «كانت الزينة تستعمل قبل 2000 سنة المكونة من أوراق النخيل والزيتون.. اما الآن تم ادخال الشبر و الخرز والورد والفراشات والألعاب كي يحمل الطفل الشعانين.. وكله فرح.»
تضيف «ستكون شمعة الشعانين لهذا العام مختلفة الشكل .. لكنها مرتبطة بفكرة سعف النخيل.. خاصة وأن هذه الفكرة تسمح بوجود أشكال متنوعة يمكن استعمالها بطرق ابداعية ومبتكرة عديدة.»
وتتابع القول « قمت ومعي مجموعة بعمل القصب على شكل قريب من جدل النخيل وشبيه بها. وأدخلنا بها عروقا من الزيتون .. وتم وضع شبر بألوان الربيع، وأرنب وصوص وبيض أيضاً»
وتختم حديثها « كل ذلك محاولة للرجوع الى اصل الشعانين بطرق يحبها الاطفال وبألوان جميلة.»

قد يعجبك ايضا